مختارات من أداب الشيخ الفاضل محمد ابو هلال (ر)...

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

الشيخ الفاضل ابو هلال محمد ،موجز في سيرة متصوف من أهل التوحيد

في أرض الجبل المقدس ( حرمون أو جبل الشيخ )
ولادته ونشأته : ( 1577م -1640 م )
أسمه " محمد "، وكنيته " أبوهلال " ، ولقبه " الشيخ الفاضل " . يذكر الشيخ أبو علي عبد الملك تلميذه وكاتب سيرته، أن وفاة الشيخ الفاضل كانت ليلة الجمعة في 22 من شهر شعبان عام 1050 للهجرة (1640 م ) وله من العمر 63 عاما ، وبذا يتحّدد تاريخ ولادته نحو سنة 987 للهجرة ( 1577 م ) . أما ولادته فكانت في حارة (دارس) بالقرب من قرية كوكبا في قضاء راشيا تدعى " الشعيرى" .
نشأ الشيخ الفاضل يتيم الأب وارثا عن أهله بضع عنزات كانت مصدر معيشته مع أمه ، ولما لم يكن في قريته مرشد يعلمه أصول الكتابة فقد أصطنع لنفسه لوحا مطّبقا كان يحمله في تجواله مع عنزاته سائلا من يلتقيهم من أهل العلم والمعرفة أن يدونوا له الحروف ويعلموه شيئا من الكتابة ، فأتقن الخط وتعلم القرأة ببداهة لافتة تدلّ على فطنة وشغف بالعلم مذ كان طفلا .
بعد طفولته الأولى في كوكب أنتقل الشيخ الفاضل الى بلدة راشيا الوادي للعمل فيها مع والدته في تربية دود القز والزراعة في رعاية الشيخ أبو عبادي زاكي ، وقد بقي الشيخ الفاضل في راشيا الى مدة لا نعرف مداها بعد وفاة الشيخ أبو عبادي غرقاً في نهر الليطاني قبل أن يعود الى قريته الشعيري وقد زادته حادثة موت الشيخ أبو عبادي أيمانا وورعا ورغبة في الأقبال على دراسة التوحيد وحفظ المعلوم الشريف ، متابعا حياته الدينية المتجردة للعبادة والعمل ، فإذا ما أنجز عمله اليومي عاد الى كهف مقابل لحارته في منطقة تدعى " الشقيف " ( وتعني بالسريانية الصخر العظيم ) للعبادة بعيدا عن عيون الناس وطلبا للخلوة مع الذات المتأملة في عظمة الخالق القدير، فلما عرف بعض شبان القرية بأمر الشيخ أبو هلال تشجعوا لمجاراته في العبادة وتوافدوا اليه يمضون معه وقتا فوق ذلك المنحدر القريب من غابة السنديان التي لم يبق منها حتى وقتنا الراهن سوى شجرتين معمرتين الى جانب مقام يزار حتى يومنا هذا .

وقد أكرم الله عبده الزاهد الخاشع بأن سخّر لغذائه خلية من النحل كانت مثبتة في أعلى سقف الكهف ، يتقطر منها العسل الى جرن صغير داخل أرضه ، فما أن يدخل الشيخ أبو هلال الكهف حتى تبدأ قطرات العسل بالتساقط والتجمع داخل الجرن فتكون غذاء له ومن بصحبته وحين يغادر الكهف يعود النحل ليجمع العسل ويرده الى الخلية من جديد . تلك الكرامة الربانية أعتبرها أهل القرية منحة دالة على المكانة الروحانية للشيخ أبو هلال ، وتوافدوا الى الكهف ليشاهدوا قدرة الله بعد أن شاع الخبر بينهم ،مكرمين صاحب الكرامة ومقدرين لمسلكه ومقامه

ترتيب طعامه

ومن ادابه رحمه الله تعالى في ترتيب مأكله انه قال يوما-

تفكرت في ما فرعه السيد قدس الله روحه في الاكل بقوله ان لا يأكل الانسان الا بعد نقاء المعده من الطعام فاستدللت على ذلك بتحريك الحواس في الباطن فتركت الترتيب فيه وصرت انتظر العلامه المذكورة متى حدثت أكلت ليلا ونهارا ومرارا كنا نسمع حواسه تضرب من زيادة الجوع فيأكل عندها ..وكانو يدخلون عليه بطعام اعد له في وسطيه مخصوصه لطعامه تسع مقدار اوقيه طعام او اقل او اكثر فيكون ذلك غدائه وكان لا يأكل الا قدام القليل من الناس قصد ستر حاله وكان يتكلم عن رجلين من الزهاد انما توقفا في سياحه فلما كان معاد تناولهما الطعام جلسا ليأكلا فاخرج احدهما من جرابه كسرات يابسات مختلفات الألوان واخرج الاخر خبزا حسننا ملفوفا فيه ادام طيبه..كان يقول المرحوم -كزواويدنا فالتفت الى صاحبه وقال له انك لن تنجح
وكان يقول المرحوم ونحن بطوننا لن تدعنا ننجح وتكلم مره في معرض ذم الدنيا وفضولها وكون الناس تعلقوا بها واشتغلوا في بملاذها
فقال ولماذا هذا ؟؟؟ المملوك الحقير مؤونته بمدين قمح ورطلين زيت ورطل دبس كل السنه
وكلامه هذا حق والامر انه كان جبارا على نفسه لا يرحمها ولا يحن عليها فطوبا ثم طوبا بما حصل عليه من نعيم سرمدي به يقتدى ويمثله فليفعل العاملون

حكمه على من نزل عن يمينه

ومن ادابه رحمه الله تعالى في احكامه ان رجلا من الاخوان كان عنده،فتزوجت امرأه من حريمه (حريم هذا الرجل) بغير رضاه ولا حضوره لعذر كان مقبولا عند المرحوم فقبل المرحوم عذرها وامر بزواجها بلا عتب ولا ملامه فلما علم الرجل بزواجها حلف انه ما عاد يكلمها ولا يدخل لعندها عمره كله ثم مسك مفسه عن كلامه مده وحاله سالك مع المرحوم فبعد ذلك عنه له خاطر في النزول عن يمينه ،وارسل الى المرحوم رجلا يشاوره في هذا بحيث ينزل عن يمينه ويبعد فبسط الرسول للمرحوم امر الرجل
فاجابه المرحوم-
لا يقع ذلك مني ولا اكون شريكا في خطئه فاذا نزل عن يمينه من تلقاء نفسه نعود فنترم له بعدا بما يلهمنا الله تعالى فلما علم الرجل بما قاله الشيخ توجه اليه ونزل عن يمينه مختارا فترم له بعده نصف سنه ومشى ذلك قانونيا في زمانه وبعد ذلك صدر من امرأه كانت تقرء القران ما صدر من الرجل المذكور فنالها قصاص مثل قصاصه وزنا بوزن

وصيته اذا وقع بيد القائد التركي احمد كجك باشا-ايام فخر الدين المعني

مره كان يجلس مع خدامه في الكهف في الجبل فخرج الى الخلاء هو وجماعه من الاخوان معه لتحويش لوز مر كان حول ذلك الكهف وكان له رغبة في ان يأكل من مباحات البرية ،سمت طلاب طريق الاخره وكانو يستخرجون من ذلك اللوز المر زيتا حلوا يأكله في طعامه عوضا عن زيت الزيتون الجوي رغبة في حلاله فكان يحب هذا مع زيت الزيتون البري يحوشه الاخوان له من الجبال فيأكل منه كل ذلك ثمرة اخلاصه مع الله تعالى
وكان ذلك اللوز حول ذلك الكهف مستويا يابسا فجعل الاخوان يجمعونه ويرمونه امام الشيخ ورفاقه وهم يزيحون القشره عنه فالتفت مبتسما قائلا-

بلغني عن كجك احمد انه قال- للموحدون شيخ ان وقع في يدنا لنا فيه كرة مال - وانا اوصيكم ان قدر الله علي ووقعت فحرام على من يخسر علي قرشا او مصريه ،اما الروح فمقصر عنها واما الجسم فليفعل فيه ما يشاء وخلاصي في ذلك ثم ابتسم رحمه الله ثانيه وقال-ما امثل قدومي عليه الا كقدومي على راعي معزى

ادابه في النفقه على الاخوان وفي حال الصدقه

وكان رحمه الله يقول-
ان نفقتنا على اخواننا انما هي في كيسنا وليس من مال الحسنه واذا سئلكم احد فاعلموه بذلك،ولا استجيز غيره ولا افعل سواه نعم اذا كان داخلا علينا من جهه حسنه دراهم خاصه كثيره فستجيز صرفها في نفقتنا ثم نتصدق من صلب مالنا باكثر مما اخذنا من مال الحسنه دراهم طيبه لان الحلال ليس طبقه واحده في الاغلب لانهم يتناولون من مال صدقه وليسو من اهل السلوك لان التناول والاخذ من مال الصدقه لا يجوز الا بضروره داعيه والقليل من الاتقاء ومن يستجيز ذلك

رفقه بالحيوان

كان رحمه الله يوصي بالحيوانات ويقول على صاحب الحيوان 3 شروط وهي-
1-لا يجوعه

2-لا يعطشه

3- ولا يحمله فوق طاقته ويكسوه

فاذا عامل الانسان حيوانه بهذه الحالات الثلاثه اكل وتعب الحيوان حلال وان قصر في واحده منه اكل تعب الحيوان مدخولا لان هذا الحيوان دابه خرساء لا تنطق ولا تشكو الضيم والمرحوم كان شفوقا على مخلوقات الله وكان يكره اظهار القوه الجبروتيه من كل احد ويوصي بالتواضع والرفق وتذليل النفس ويقول ذللو هذه النفوس تجدوا عزها غدا بالجمله
كان رحمه الله سبحانه وتعالى عالام الحنون على مخلوقات الله تعالى ويحب ان يمدح من يفعل ذلك مع انسان او حيوان

تقسيمه للفقراء

وكان رحمه الله يقسم الفقراء 3 اقسام-

فقيرين ملومين ما لهما عذر ابدا

والثالث لا يلام ويعطي بلا سؤال

اما الفقيران اللذان ما لهما عذر فهما-....لان مع وجود القوه والعافيه
والمبذر الشره محب البطنه

وانا الفقير المقبول عذره فهو الرجل المداوم على شغله ،الملازم القنع على نفسه وعياله،وهذا لله فيه سر خفي يجب الا يطعن عليه ولا يلام ويعطى بلا طلب ولا سؤال

نياله..الله يهدينا لمكسله
متابعه للموضوع

وصيته

ولما ثقل مرضه احضر اخويه وخادمه وجماعه من الاعيان الحاضرين وكان قد اوصى بتفريغ متروكاته بخط خادمه وافضى اليه بالوكاله وكان قبل ذلم لح عليه بعض الاعيان في الوصيه لظنهم انه مدخر دراهم مما دخل عليه.
وفقال وهم يكتبون وصيته-

ما في عمري كله صررت قرشا لاجل الادخار بل ما اعجل انفاق الدراهم بعد وصولها

هذا كان كلامه وقت وصيته وصدق فيما قال-

وما وجدنا تخلف عنه شيء او يكون نحو عشرة قروش او اقل او اكثر
ثم قال للحاضرين حواله -

مطلوبي منكم ان لا تدفنوني الا في حقل ينحرث حتى لا يعرف لي قبرا ابدا

والح عليهم في ذلك فقالو له -

لا يليق ولا يرضاه منا الناس ولا حكام البلاد فعاد بنا الى غير ذلك وبعد مراجعة كثيره قال-

ان كان لا بد من هذا الامر فيكون الدفت في تربة البلد وصورة القبر كصورة القبور المعتادة

فاجابوه الى ذلك ثم قال-

لا تنعوني الى احد وبلغوا عن لساني ان لا يرثيني احد ببيت شعر اذا قضى الله سبحانه وتعالى في كاتبوا اوراقا فرقوها ان لا يمشي احد في عزائي ولا يتكلف شيئا بل كل ناحيه يعزي اهلها بعضهم بعضا

فقبلو ما اوصاهم به والتزموا بذلك

(وكان قد قطع حكمه هذا في حياته حتى كان يبعد من ينعي ومن يمشي في المنعى )[center]

وفاته

قضى نحبه الى الله تعالى وقد فعلو ما اوصاهم به فكتبوا ست اوراق بخط خادمه وارسلو منها اثنتين الى حكام البلاد فاحدهما ركب وقال لرفاقه-

ما كل يوم يصير لنا اجرا كأجر هذا الشخص الفضيل الفاضل وحضر دفنه

والاخر قال-

قبول امره اعظم من اجره ومن المشي في عزائه

ثم دفنوه رحمه الله بحسب ما رسم في تربة البلد التي توفي فيه في قبر نحدث بلا نواص ولا تجصيص سمت قبور العباد ومشى امره في البلاد بحسب ما رسم واهل كل ناحيه يعزون بعضهم بعضا وما حصلت مشقة لاحد وما تكلف احد شيئا وما رثاه احد رحمه الله ما كان اتم مراسيمه حيا وميتا
انا لله وانا اليه راجعون
وكانت وفاته ليلة الجمعه في الثاني والعشرين من شعبان من شهور سنه خمسين بعد الالف
فارسلو عزوا به الى بلاد حلب فلما عزوا فيه الشيخ جابر عض على اصبعه وفاضت دموعه على تلك الشيبه الطاهره...........

رضي الله عنه
مع كل ما كان يملك من مركز ديني كبير وعلم كبير بالحكمه
كان يملك نفس بسيطه متواضعه
فخير الناس هو وخير الكلمات ما يكتب عنه رحمه الله

ما أروع ان نتصفح تاريخنا أجدادنا
هذا التاريخ المكتوب على جبين الزمن
لا يمكن ان يمحى
أو أن ننساه طالما هناك موحون مثلك يا امال يذكروننا بهم
مشكورة
تقبلي مروري
ننتظر المزيد
رب طفل شاخ من غدر الطفولة
دمشق 8-12-2010م

رحم الله روحه الطاهرة فهو خير قدوة لنا لنسلك الدرب التي سار عليها ونأتمر بما امرنا به ولنتعلم المنهج الذي كان يتبعه.
فهم مشايخنا الاجلاء والمنارة التي تضيء لنا الدروب المظلمه.
الف شكر لك امول
دمت بود
ننتظر المزيد

يعطيكي الف عافيه
الشيخ الفاضل مثل اعلى لكل موحد
الله يرحمه ويهدينا لمسلكه

بخاتمة هذا الموضوع
ايضا اشكر كل من مر بصفحاته وقرء
فلا ارى شخص اكثر خيرا وحكمه من سيدنا الشيخ الفاضل رضي الله عنه
لنتعلم حكاياته ونتبع ادابه
فهو خير الناس واتقى من برز في عقيدتنا
تحيه للجميع واشكر التفاعل واتمنى ان يكون اوصل النقاط اللازمه