نظرة في الدّروز والحيط الواقف (لئلا نشعر بأننا ضعفاء)

الطائفة الموحدة في إسرائيل تعاني حرمانا لحقوقهم ، وسلبا لأراضيهم، وتحطيما لثقافتهم، وإخصاء لتفكيرهم، وتدميرا لاقتصادهم، وتشويها لاسمهم، وتلطيخا لسمعتهم النظيفة، وفصلهم عن عروبتهم
في البداية ليسمح لي أخي الكاتب والمغلوب على أمره، السيد "هادي زاهر"، إبن عسفيا الكرملية أن استعر اسم كتابه "المغلوبون على أمرهم " في مقالي هذا، والذي أعنى به طائفته الدرزية التي تعيش في دولة إسرائيل، وتعاني حرمانا لحقوقهم ، وسلبا لأراضيهم، وتحطيما لثقافتهم، وإخصاء لتفكيرهم، وتدميرا لاقتصادهم، وتشويها لاسمهم اللامع بين الامم وتبخيسا لكرامتهم الناصعة وتلطيخا لسمعتهم النظيفة ، وفصلهم عن عروبتهم، وتشتيتا لشملهم وجعلهم ذات نفسية مقهورة اجتماعيا وبيئيا وجغرافيا وصحيا ومتخلفين عن المجتمعات المتحضرة، والذي اتضح مؤخرا بعد مرور سنين عديدة على أن ما تمر به طائفتنا الدرزية في البلاد هو ثمرة مجهود سياسة خاصة انتهجتها المؤسسة الصهيونية لعزلها عن قوميتها العربية أو بالأصح عن الصف العربي لتجريدها من الانتماء الواسع وتجزئتها لتصبح ضعيفة وطبقت هذه السياسة في مواضيع الجيش والأمن والقانون والاقتصاد والمجتمع والسياسة لتخدم مصالح دولة اسرائيل الامنية من جهة وتحرير الأرض بشتى الوسائل من جهة اخرى دون النظر فيما تحدثه من اضرار للطائفة الدرزية وبذلك تكون قد تحكمت باقدار الطائفة الدرزية ومقدراتها وجعلتها تسير في مسار مبرمج يقضي في النهاية على كيان هذه الطائفة وصهرها وتذويبها مع المجتمعات الاخرى ومحيها من الناحية الاجتماعية السياسية الاقتصادية والبنية التحتية خاصة في سلب أراضيهم بحجج قانونية زائفة وملعوب بها ومنعهم من استقلالهم اقتصاديا وقد بيّن مؤلف كتاب " طبق نحاس " رجل المخابرات الاسرائيلي شمعون أفيفي عن الامور الخطيرة التي انتهجتها الدولة تجاه الطائفة التي أخلصت لها الود وبيّن محاولة الدولة استخدام الدروز ليكونوا جدارا عازلا ووقايا للدولة ومن هنا جاءت خطة بن غوريون أحد أعضاء الحركة الصهيونية العالمية الفعّا ل والذي أعلن عن قيام دولة إسرائيل في 14/5/ 1948 وأصبح رئيس الوزراء الاسرائيلي الأول وهي بدعم المقّدم سليم حاطوم من جبل الدروز للقيام بقلب الحكم في سوريا عام 1967 انتهى باعدامه وباضطهاد الدروز في سوريا من قبل حافظ الاسد الذي كان وزيرا للدفاع ثم انتقل ليكون رئيسا للجمهورية السورية إثر إنقلاب تصحيحي وتشديد القبضة عليهم وعدم ترقيتهم في القيادة العسكرية وشتى النواحي السياسية الا بعد ان تدخل عطوفة الباشا سلطان وقام باقناع الرئيس السوري حافظ الاسد بوقف هذا الخناق، ومن هنا لا يستبعد أن يكون قيام الديكتاتور أديب الشيشكلي بدخوله العسكري لجبل الدروز ومحاولته قتل سلطان باشا الأطرش عام 1954هو تخطيط إسرائيلي لمحاولة اقامة دويلة موحدة تحمي دولة اسرائيل من الشمال باعتبار الدّروز عنصر حربي لا غنى عنه لنجاح كل ثورة، فيجب إذا لإدارتهم واجتذابهم، فبالرغم ما قدمه الموحدون تجاه دولة إسرائيل عملت على جعلهم ضحية مخططاتها التوسعية والعنصرية، فكل ما يحدث على أرض إسرائيل من خير وشر فهو ثمرة مخططات عمل من أجلها فكل أوضاعنا المزرية ثقافيا واقتصاديا وبيئيا وعمرانيا وحتى صحيا هو نتيجة محتمة لهدف مدروس له أبعاد غربية وإسرائيلية فإسرائيل دولة ديمقراطية، دولة حقوق ومساواة، حرية وعدالة، لا تفرّق أحدا عن أحد، وإنما المواطن في نظرها واحد، ولكن في الحقيقة هذا معدوم، بسبب ما نشعر به من عدم المساواة في الحقوق مع الوسط اليهودي مع أننا نقدّم نفس الخدمات وهذا ان دل على شيء فانه يدل على سياسة العنصرية تجاه من هم غير يهود وهذا يظهر جليا في عدم تطوير القرى التي نعيش فيها بسبب نقص في الميزانيات وما تمر به قرانا من احوال رديئة وقضايا معقدة تحرص الدولة على عدم ايجاد حلولا لها وابقائها حجر عثرة أمام شعبنا مما يحيل بيننا وبين السير قدما فالقضايا التي تعاني منها قرانا منذ ستين عاما ما زالت هي هي ومع تزايد، ويظهر ذلك في سوء تقديم الخدمات العامة ،كمشاريع البنية التحتية وتعبيد الطرق الرئيسية والإلتفافية والشوارع بين الحارات والأرصفة ويافطات السير التي تشكل أكبر خطر على حياة المواطنين بعدم وجودها في أماكنها،وأيضا البيئة من حولنا ملوثة بسبب النفايات القريبة وحرق هذه النفايات يلوث البيئة مسببة بذلك أمراضا مزمنة وخطيرة كالسرطان المتنوع ومرض الأستما وأمراض العيون والقلب وجلطات الدماغ وتصلب الشرايين عدا عن المزبلة التي تحوي مواد إشعاعية ، وأيضا لا تتوفر في قرانا مؤسسات حكومية كمكاتب داخلية ومحاكم قضائية ومستشفيات وغرف لحالات الطواريء كالولادة وإصابات خطيرة والأبلغ من ذلك لا يوجد عندنا سيارات إسعاف أولية مما يعرقل السرعة في إنقاذ المصاب مما يزيد حالته سوءا ، وأيضا انعدام الخارطة الهيكلية لكل بلدة وقرية، مما يعيق التقدم العمراني، ويعذر مد الخطوط الكهربائية والمياه والتلفون والشوارع ، مما يعثر الحياة اليومية ويسبب قلقا لدى الشباب بسبب مخالفات البناء ، وأيضا عدم منح قرانا منطقة تطوير "أ"، والتي بواسطتها يسمح بانشاء المصانع المختلفة، ويساعد أصحاب رؤوس الأموال من استثمار أموالهم في قرانا، وذلك يوفر عملا للمواطنين داخل قراهم دون اضطرارهم للعمل خارجها ، مختزلين الزمن ومشاق السفر، ومتجنبين الحوادث والعمليات التخريبية التي باتت تهدد كل مجمع سكاني، وأيضا عدم التسهيل لسكان قرانا العمل في الفلاحة وتربية المواشي والدواجن وتقوية الانتاج المحلي لتستطع كل قرية من قرانا تقوية إكتفاءها الذاتي، وايضا تصدير منتوجاتها الى أي مكان مما يدر الأموال عليها وينتج بذلك ازدهارا اقتصاديا ككل بلد ينتعش فيه الاقتصاد، وهذا يساعد على انعاش السياحة ودخول معترك الحياة ذات الدينامكية الاقتصادية ليخرج مجتمعنا من الخمول المسيطر الى الحركة الفعّالة، وأيضا قرانا محرومة من الحدائق العامة والمتنزهات والملاعب الرياضية المتوفرة في جميع مدن البلاد، وهذا يحدث فراغا عند الشباب ويؤدي بهم الى السلوك اللا أخلاقي وتعاطي المخدرات والسموم الفتاكة والتي بدورها تزيد من عمليات السرقة والقتل والاغتصاب والشذوذ الجنسي، مما يثير الخوف والرعب بتفاقم هذه الظواهر ويفقد المواطن الأمن مع كثرة وجود الشرطة ، وبالتالي نفقد شبابنا وفتياتنا ويصبح مجتمعا مهددا بالزوال وأي زوال ؟ . وأيضا تدهور الاقتصاد وانعدامه في قرانا يعود بالسلب على ثقافتنا، لان الاقتصاد الناجح يجعل من الثقافة أرضا صالحة ، ويجعل هناك اقبالا على العلم والتعليم، ونجد عندنا رجال علم وخبراء كيميائيين وفيزيائيين وزراعيين وأطباء ومحامين واختصاصيين في كل المجالات،فمدارسنا تفتقر لكثير من إحتياجات العصرولا تتلائم مع عاداتنا وتقاليدنا مما يبعد الشباب عن دينهم ، فنحن لا نختلف عن أي مجتمع من المجتمعات، لأننا بشر مثلهم لنا عقول واجسام وطاقات هائلة تمكننا من دخول غمار الحياة، بكل جدية ونجاح، ولكن للاسف الشديد نحن ندفع الثمن غاليا بسبب الصراع العربي- الإسرائيلي في هذه البلاد بسبب اغلاق جميع الطرق أمامنا في شتى المجالات، ولنجد أنفسنا فقط أمام شيء واحد ووحيد هو الإستمرار في الخدمة العسكرية التي توفر لنا المعاش فقط ، مع أني لست ممن يعارض هذه الخدمة كوننا مواطني هذه الدولة ويجب الحفاظ على أمنها وأمننا ، ولكن أرى فيها حاجزا أمام تقدم شبابنا في باقي النواحي الحياتية ، وعندما ننظر الى غيرنا فنجدهم قد سبقونا ثقافيا واقتصاديا وحصلوا مقاما مرفوعا في هذه البلاد بالرغم من انهم لا يتفقون مع سياسة هذه البلاد ولا يجهدون فكرهم في حفظ أمنها، فنراهم يحتلون الصدارة ويشغلون الوظائف الأكثرحساسية ومسؤولية، ونقع نحن ضحية إخلاصنا وضحية صراع ليس لنا فيه لا ناقة ولا جمل، وتمر الأيام والسنون لنجد أنفسنا في الصف الأخير لا محصولا ثقافيا ولا محصولا اقتصاديا ولا مجتمعا سليما ولا شبابا لهم مستقبل ولا أمنا ولا سلامة وغيرنا يتنازع على الصفوف الامامية وقد امتلئت خزائنهم مالا وعلما وثقافة وعمارا ومصانعا ومجالات ترفيه ونقاهة وما شاكل ذلك فبحرماننا جميع مقومات الحياة التي نراها متوفرة عند غيرنا في هذه البلاد ولا نراها عندنا ،نعلم عندها علم اليقين بأننا " المغلوبون على أمرهم ".

طرح مهم جدا يسلمن