العارفون - من كتاب المراد والمريد للاستاذ شفيق أبو غانم

خرج أحد الزاهدين يطلب المزيد من المعرفة, فجاز الجبال وانحدر نحو الوديان والسواحل حتى انكشفت أمامه سهل فسيح رأى فيه عن بعد ثلاثة رجال يعملون في مكان من السهل . مشى يقصدهم و وصل بعد وقت فاذا هم اثنان, حياهما وجلس ينظر اليهما يعملان بصمت وجهد , ولما طال جلوسه وطال صمتهما قال:
- كان معكما رجل آخر فاين هو ؟
-يرحمه الله لقد مات وسندفنه تحت تلك الشجرة.
-مات .
-خرجت اليه حية فلسعته ومات .
-ألا من قريب له ؟
-قال:أحدهما أنا أبوه .
-أبوه , ولا يحزنك موته ؟
-مثلي ومثل ولدي كمثل انسان جاء من وضع عنده أمانة فلما طلب صاحب الأمانة امانته اخذها , فهي له وليست لي.
-اذا كان هذا حالك فما حال اخوته ؟
-قال الرجل الثاني : انا اخوه ونحن كمسافرين سبق احدهما الآخر ولا خيار لي في ذلك.
اعجب العابد من ايمان الرجلين ومعرفتهما فقال لهما :
-هل من زوجة وأم للفقيد ؟
-زوجته ستأتي لنا بالزاد بعد قليل وأمه في البيت .
ودعهما ومشى حتى بعد وقرب من القرية التقى بطريقه بالزوجة تحمل الزاد للفعلة فقال لها:
-مررت بحقلكم وعلمت ان زوجك قضى بلسعة حية ,
-قالت المرأة :
-رحمة الله التقينا كخشبتين جمعتهما الرياح فوق نهر وعادت الرياح وفرقتهما
تابع العابد طريقه فاتى القرية وسأل عن بيت الجماعة فدل عليه وجد ألأم العجوز حياها ونعى اليها ولدها .رحمة الله من ابن صالح . قال العابد :ما تقولين فيه . قالت مثلي ومثله مثل أرض أصابها غيث فانبتها زرعا" فلما جاء الحصاد جاء الحاصد فجمع زرعه وخرج العابد يقول لنفسه :
-طوبى لقوم ,عارفين ,مؤمنين , متوكلين .

إن السلف الصالح أعطانا من عظمة مبادئه و قيمه
الشيء الكثير فطوبى لمن عرف الطريق الصحيح
وسار عليه و طوبى لمن كان خير خلف لخير سلف

شكرا لك أخي لمعلوماتك القيمة
[b]