عابدة اسمها توبة

غضب الملك عندما جاء من يخبره ان كبير وزرائه كسر صنمه وانصرف عن عبادنه لعبادة اله محجوب لا صورة له ولا عين تراه .
استعرض بخياله عشرات وسائل التعذيب والقتل وأصر على قتله في ساحة المدينة ليكون عبرة لكل من يطمح بالخروج عن عبادة الأوثان .
كان قد أعد بواسطة كبير الحكماء ثلاث مساءل معجزة يطرحها على الوزير الكبير لتكون سبباً للحكم عليه بالموت .
ووقف الوزير صامتاً حائراً مصعوقاً عاجزاً امام تلك المسائل الثلاث .
كل ما استطاعته مع ذكائه وسعة علمه انتزاع فرصة يوم واحد يأتي بالجواب الصحيح أو يسلم رأسه للجلاد .
جلس كبير الوزراء في بيته مشغول الفكر مقطب الجبين مترب الوجه ، وجلست بالقرب منه ابنته توبة ، تتوسل اليه وترجوه اخبارها عن سبب همومه .
- لقد عرف الملك بايماني وتوحيدي ويريد هلاكي .
- وبماذا يتهمك صاحب الجلاالة ؟
- لم يوجه الي تهمة ، بل وضع امامي ثلاث مسائل يصعب الاجابة عنها .
- هل أعرف هذه المسائل ؟
- وما ينفهني معرفتك بها وقد اعجزني الجواب .
بعض علم الله من الله يعطيه من يشاء .
- لقد سألني الملك عن اسم الشيء الذي وُجد قبل الله ، وسألني عن الجهة التي فيها وجه الله ، وسألني عن عمل الله سبحانه وتعالى .
ابتسمت توبة الى ابيها قائلة :
- اذا قبل الملك بجوابي عنك فالجواب سهل وفيه حكمة وقناعة وسعادة باذن الله .
كيف .
- سارافقك الى ديوان الملك وستطلب الاذن لي والباقي عندي .
عندما احتمع الوزراء والقادة والجنود تقدم كبير الوزراء من الملك وكانت ابنته في باحة القصر مع خادمها انحنى للملك وقال :
- تطلب جلالتك مني أجوبة لمسائل ، فارجو ان تسمح لأبنتي بالمثول بين يديك ، فالجواب عندها والعقاب والثواب عند صاحب الجلالة .
- وهل ابتك في دينك ؟
- لا ينبت التين شوكاً ولا ينبت الشوك تيناً يا مولاي .
- لتأتي وستقاسمك العقاب .
دخلت توبة الى الديوان بين سيوف الحند ورماحهم ، فتاة لا تتجاوز الخامسة عشر ، تمشي بخطى ثابتة ، وتطل من وجهها عينان تشعان بالسحر والذكاء .
انحنت امام الملك واستأذنت بالكلام فاذن لها ، فاخذت من كمها ورقة قدمتها الى الملك وقالت :
- ارجو ان يقرأ احدهم ما كتب في هذه الورقة .
اعطى الملك الورقة لأحد مستشاربه ليقرأها فقرأ الرجل :
واحد ، اثنان ، ثلاثة ، اربع ، خمسة ، ستة .
- لقد أخطأ القراءة يا مولاي .
أين ؟
- لقد بدأ بالقراءة من الواحد .
- وهل يوجد قبل الواحد ؟ .
هذا ما تطلب الجواب عليه يا صاحب الجلالة .
اما السؤال الثاني فاسمحوا لي ان اشعل هذه الشمعة ، واخذت من كمها شمعة طلبت اشعالها ، فلما تم ذلك قالت :
- كلكم ترون النور المحيط بلهب هذه الشمعة ، وكلكم ترون اللهب الفاعل للنور ، ووجه سبحانه وتعالى اعظم من ان يشبه بمثل هذا ولكن الشمعة ليست سوى مثلٍ ورمزٍ .
نظر الوزراء الى الفتاة معجبين والملك عابس فقال :
- اعطني جواب السؤال الاخير .
كان يضمر شر ويرمي لأكثر من معنى حول الموضوع ، وكانت الصغيرة المؤمنة تعرف ما به ، استعانت باسم الله وعونه وقالت :
- ان في عمل الله سر خطير واحتاج لسؤال ، وطلب من صاحب الجلالة .
- اسألي .
- اريد ان اعرف اي اكبر من الثاني ، السائل ام المسؤول ؟ .
- المسؤول طبعاً.
فطلبي ان يتكرم صاحب الجلالة فيجلسني في ديوانه .
ابتسم الملك وهو يفسح للفتاة مكاناً قربه قائلاً :
ستقولين بما انني مسؤولة فانا صاحبة العرش .
حاشا يا مولاي لمن أمن بالله مثلي ومثل والدي ان يفكر باغتصاب العروش ، ولمن اردت ان اقول ان عمل الله سبحانه وتعالى رفع السائل في تقديسه وتوحيده لعرشه وأمانه كما رفعتني الى عرشك وخفض المسؤول عن ضلال وكفره لعذاب اليم وذل مهين .
وهتف الملك وقد حنى رأسه مسلماً مؤمناً :
- اشهد ان لا اله الا الله الواحد الاحد ، واشهد ااني وشعبي له عابدون .

دائما لمواضيعك العبرة الكبيرة فكل مواضيعك لها حكمتها
يعطيك العافية اخي ويزيدك من نعيمو وشكرا على ما تقدم لنا
قصة رائعة وعبرة كبيرة للأيمان باالله عز وجل

قصه بتجنن
شكرا الك