قال بعض الحكماء

بسم الله الرحمن الرحيم




قال بعض الحكماء:

لما نظرتُ ** في تصاريف أموري فوجدت بنية هيكلي مركبه من اخلاط ممتزجه متضاده القوى.مركوزه فيها شهوات مختلفه.فتآملتها فاذا هي كأنها نيران كامنه في احجار كبريتيه. ووجدت وقودها هي المشتهيات من ملاذ الدنيا ونعيمها.ووجدت اشتعال تلك النيران عند الوقود كأنها حريق لا يُطفى. ولهيب لا يخمد. او كامواج بحر متلاطمه. او كرياح عاصفه تدمر كل شئ.او كعساكر اعداء حملت في الغاره .وذلك اني وجدت حرارة شهوة المأكولات والمشروبات في نفسي عند هيجان نار الجوع كأنها نيران لا تطفى. ووجدت نفسي الشهوانيه عند الاكل والشرب كانها كلاب وقعت على جيف تنهشها.ووجدت حرارة الحرص في نفسي عند هيجان نار الطمع كأنها حريق يهلك الدنيا كلها ووجدت نفسي عند ذلك كأنها وعاء لا يمتلئ من جميع ما في الدنيا من المتاع. ووجدت حرارة الغضب والحرد كأنها حريق يرمي بشرر كالقصر. ورأيتها عند هيجان نار الكبر كأنها جبار قد اقبل يدعي الربوبيه. ورأيتها عند هيجان نار الافتخار والمباهاة كأنها افضل خليقة الله واشرفهم. ورأيتها عند هيجان نار الشهوه للرياسه وطلبها لها كأن الناس كلهم عبيد لها وخَوَلُ. ورأيتها عند حرارة نار شهوة الكرامه وطلبها لها كأنها دين لها لازم حال. ورأيتها عند طلب خدمة خولها لها كأنها ترى طاعتهم لها فريضه. ورأيتها عند قضاء ما عليها من حق غيرها متوانيه في تأديته كأنه نافله. او كأنه جبال عليها ثقيله. ورأيت حركاتها عند اللهو واللعب كأنها مجنونه والهه . ورأيتها عند محبة المدح والثناء عليها كأنها افضل الناس واعقلهم واجلهم. ورأيتها عند هيجان نار الحسد كأنها عدو يريد خراب الدنيا وزوال النعم وحلول النقم. وعلى هذا المثال وجدت ورأيت حكم سائر اخلاقها الرّديه. وخصالها المذمومه. واعمالها السئيه. وافعالها القبيحه. فعلمت عند ذلك بأن هذه كلها نيران لا تخمد. وحريق لا يطفى. واعداء لا يتصالحون. وحرب لا يهدأ. وقتال لا يسكن. ودواء لا يبرأ. ومرض لا يشفى. وعناء طويل. وشغل لا يفرغ منه الى الموت. فتشمرت عند ذلك بالعزم الصحيح. وشددت وسطي بازار الحزم. واخذت سلاح الاجتهاد. وارتديت برداء الورع. ولبست قميص الحياء. وتسربلت بسربال الوقار. ووضعت على رأسي تاج الزهد في الدنيا. واثبت قدمي على التقوى. واسندت ظهري الى الله بالتوكل عليه.وحوّلت وجهي اليه. وجعلت الخوف والرجاء شعاري. وزممت قوى نفسي بالنهي. وفتحت عيني بالنظر الى اشارة العلم. وجعلت دليلي حسن الظن بربي. واسلمت نفسي الى الله. وسلكت منهاج السنه. وقصدت الصراط المستقيم الى لقاء ربي. وناديته نداء الغريق. ودعوته دعاء المضطر. واقررت بالعجز والتقصير. وطرحت نفسي بين يديه بلا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم. وتضرعت اليه مثل الصبي الى والده الشفيق الرفيق. فلما رأني ربي على تلك الحال سمع نداءي. واجاب دعاءي. ورحم ضعفي. واعطاني سؤالي. وامدّني بجنوده. ودلّني علي مكائد اعدائي. فغزوتهم مع ملائكته فاظفرني على اعدائي. وحرسني من غرورهم. و...زني من خطواتهم.فسلمت من كيدهم وفزت بالغنيمه سالما. وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا . وجند الله كانو هم الغالبين. وحزب الشيطان هم الخاسرين . كل هذا من فضل ربي ليبلوني اشكر ام اكفر . ومن شكر فانما يشكر لنفسه. ومن كفر فان ربي غني كريم