الموحدون في الاردن...

تقع واحة الأزرق شرق الأردن، على حدود المملكة الأردنية الهاشمية مع السعودية، وسوريا، والعراق، وبسبب هذا الموقع اكتسبت أهميتها على طرق المواصلات القديم والحديث، وكانت في العقود الأخيرة وحتى الان المنفذ البري المهم للعراق الذي خاض حروبا كثيرة، ومثلما كانت الشاحنات تمر عبر هذه الواحة، خلال فترة الرئيس العراقي السابق صدام حسين، محملة بما يستلزمه العراق من ميناء العقبة في جنوب الأردن، فان الأمر لم يختلف كثيرا بعد سقوط نظام صدام حسين، وما زالت الشاحنات تتسابق في سيرها على الشارع، الذي مول شقه الرئيس العراقي السابق، لمد النظام الجديد في العراق كما كانت تفعل سابقا.
وبالنسبة للأردنيين تشتهر واحة الأزرق بوجود محمية طبيعية حيوانية فيها، ومحمية سمكية، ومصنع لاستخراج الملح، وأيضا بأنها موطنا للموحدين.
وتنقسم الواحة إلى قسمين، الشمالي الذي يعيش في الموحدين، والجنوبي الذي يسكنه غالبية من الشيشان، ولا توجد إحصاءات رسمية لعدد الموحدين في الأردن، لان هذه الإحصاءات تدرجهم ضمن المسلمين، ولكن حسب تقديرات

حلية للموحدين فانهم يصلون إلى نحو 18 ألف نسمة كما يقول أحدهم وهو مشهور عز الدين البصار (55) عاما.
ويعيش البصار، الذي يعرف نفسه بأنه شاعر شعبي فطري في الأزرق، ويقول بأنه رغم أن اسم الأزرق اربتط بالموحدين إلا أن اكثر من نصف عددهم في المملكة يعيشون في مناطق أخرى مثل مدن الزرقاء والرصيفة وعمان، ولكن بسبب قلة عددهم بالنسبة لباقي عدد السكان في هذه المدن، فانهم لا يشكلون ظاهرة واضحة بينهم، بعكس الأزرق التي ارتبطت بوجودهم المعاصر في الأردن.
ويرتبط تاريخ الاستيطان التوحيدي في الأزرق بالحضور التوحيدي الكبير في جبل العرب في سوريا الان، حيث لم تكن هناك حدود فاصلة قبل تشكيل الدول الإقليمية العربية الحديثة، ويشكل الموحدون في الأزرق امتدادا لإخوانهم في جبل الموحدون التي تفصلهم عنهم الان الحدود.

وما يقلق في الاردن أن سوء الفهم من قبل باقي المواطنين للموحدين يمتد إلى حمل أفكار خاطئة عنهم، ولا يعلم الجميع بان الموحدين يؤمنون بالقران الكريم مثل باقي المسلمين ويؤمنون بالكتب الدينية الأخرى.

وما يردد عن باطنية اتباع المذهب التوحيدي، وإخفائهم لعقائدهم، لا يفسر بان السنوات الطويلة التي تعرض لها اتباع هذا المذهب من القمع، تجعلهم في كثير من الأحيان لا يظهرون ما يؤمنون به للعامة، وحافظوا على مبادئهم باستيطانهم المناطق الجبلية مثل الجولان وجبل العرب في سوريا والجليل في فلسطين بل يفسر بالكفر.

ويأخذ بعض سكان الأزرق على الموحدين عدم انفتاحهم بالشكل الكافي على باقي المواطنين، وعدم السماح لأبنائهم وبناتهم بالزواج من مذاهب أخرى، مما يزيد من دائرة الانغلاق.

والموحدون في الاردن فعلا لا يتزوجون من خارج مذهبهم ولا يزوجون بناتهم لغير الموحدين.

ولا يذكرانه حدث وان تم كسر هذه القاعدة، وان تم ذلك، فهي زيجات نادرة، استتبعها مشاكل كثيرة، وهذا الموقف بموجود للحفاظ على تماسك أبناء المذهب.

ووما يسر القلب ان الموحدين متماسكون ومتعاونون فيما بينهم، ويعتزون بعروبتهم وأردنيتهم، ويتعاملون مع باقي المواطنين بكل احترام وتقدير، ويبتعدون عن أية اشكالات.

ا وضع الموحدين في الأردن ليس وضعا مثاليا الان من حيث التمثيل في المؤسسات الرسمية كمجلس النواب او الحكومة، فلا وجود لشخصيات منهم في مناصب نافذة رغم دورهم الذي كان مهما في بداية تأسيس إمارة شرق الأردن، حيث دعم الموحدين الهاشميين، وشاركوا بفعالية في الثورة العربية الكبرى التي قادها شريف مكة الحسين بن علي ضد الأتراك، وكان لموحدي الأزرق التي كانت جزءا من جبل الموحدون دورا محوريا في الأحداث التي أدت إلى تأسيس إمارة شرق الأردن التي أصبحت فيما بعد المملكة الأردنية الهاشمية.

ويؤكد هذا الدور المهم في التأسيس ، أن رئيس أول حكومة أردنية تشكلت عام 1921 كان موحدا هو رشيد طليع، بينما تولى موحدا أخر قيادة الجيش هو فؤاد سليم، واصبح الأمير عادل ارسلان رئيسا للديوان الأميري.

ومعظم هؤلاء الذين كان لهم دورا في تأسيس الكيان الأردني هم من المثقفين الذين دعموا الحكم الفيصلي في سوريا ووفدوا إلى الأردن بعد انتهاء ذلك الحكم.

ومنذ ذلك التاريخ كان نادرا أن تجد وزيرا أو مسؤولا كبيرا من الموحدين في الحكومات الأردنية المتعاقبة.

وللخلاصه أن الموحدين في الأردن يشكلون امتدادا طبيعيا لباقيالموحدين في فلسطين وسوريا ولبنان ونفخر بأنهم جزء من الأمة العربية ولهم تاريخ مشرف ضد الدول الاستعمارية.

مشكور عالمعلومات
تقبل مروري