مختارات من أداب الشيخ الفاضل محمد ابو هلال (ر)...

الشيخ الفاضل ابو هلال محمد ،موجز في سيرة متصوف من أهل التوحيد

في أرض الجبل المقدس ( حرمون أو جبل الشيخ )
ولادته ونشأته : ( 1577م -1640 م )
أسمه " محمد "، وكنيته " أبوهلال " ، ولقبه " الشيخ الفاضل " . يذكر الشيخ أبو علي عبد الملك تلميذه وكاتب سيرته، أن وفاة الشيخ الفاضل كانت ليلة الجمعة في 22 من شهر شعبان عام 1050 للهجرة (1640 م ) وله من العمر 63 عاما ، وبذا يتحّدد تاريخ ولادته نحو سنة 987 للهجرة ( 1577 م ) . أما ولادته فكانت في حارة (دارس) بالقرب من قرية كوكبا في قضاء راشيا تدعى " الشعيرى" .
نشأ الشيخ الفاضل يتيم الأب وارثا عن أهله بضع عنزات كانت مصدر معيشته مع أمه ، ولما لم يكن في قريته مرشد يعلمه أصول الكتابة فقد أصطنع لنفسه لوحا مطّبقا كان يحمله في تجواله مع عنزاته سائلا من يلتقيهم من أهل العلم والمعرفة أن يدونوا له الحروف ويعلموه شيئا من الكتابة ، فأتقن الخط وتعلم القرأة ببداهة لافتة تدلّ على فطنة وشغف بالعلم مذ كان طفلا .
بعد طفولته الأولى في كوكب أنتقل الشيخ الفاضل الى بلدة راشيا الوادي للعمل فيها مع والدته في تربية دود القز والزراعة في رعاية الشيخ أبو عبادي زاكي ، وقد بقي الشيخ الفاضل في راشيا الى مدة لا نعرف مداها بعد وفاة الشيخ أبو عبادي غرقاً في نهر الليطاني قبل أن يعود الى قريته الشعيري وقد زادته حادثة موت الشيخ أبو عبادي أيمانا وورعا ورغبة في الأقبال على دراسة التوحيد وحفظ المعلوم الشريف ، متابعا حياته الدينية المتجردة للعبادة والعمل ، فإذا ما أنجز عمله اليومي عاد الى كهف مقابل لحارته في منطقة تدعى " الشقيف " ( وتعني بالسريانية الصخر العظيم ) للعبادة بعيدا عن عيون الناس وطلبا للخلوة مع الذات المتأملة في عظمة الخالق القدير، فلما عرف بعض شبان القرية بأمر الشيخ أبو هلال تشجعوا لمجاراته في العبادة وتوافدوا اليه يمضون معه وقتا فوق ذلك المنحدر القريب من غابة السنديان التي لم يبق منها حتى وقتنا الراهن سوى شجرتين معمرتين الى جانب مقام يزار حتى يومنا هذا .

وقد أكرم الله عبده الزاهد الخاشع بأن سخّر لغذائه خلية من النحل كانت مثبتة في أعلى سقف الكهف ، يتقطر منها العسل الى جرن صغير داخل أرضه ، فما أن يدخل الشيخ أبو هلال الكهف حتى تبدأ قطرات العسل بالتساقط والتجمع داخل الجرن فتكون غذاء له ومن بصحبته وحين يغادر الكهف يعود النحل ليجمع العسل ويرده الى الخلية من جديد . تلك الكرامة الربانية أعتبرها أهل القرية منحة دالة على المكانة الروحانية للشيخ أبو هلال ، وتوافدوا الى الكهف ليشاهدوا قدرة الله بعد أن شاع الخبر بينهم ،مكرمين صاحب الكرامة ومقدرين لمسلكه ومقامه

اداب الشيخ الفاضل رضي الله سبحانه وتعالى عنه......سبب تأليفها

قد سبق سؤال من بعض الاعيان طالبي سلوك طريق الاخره لخادم الشيخ الفاضل (ر) ايام حياته فيما وعاه وشاهده منه عيانا ونقله عنه رحمه الله تعالى من معاشريه الثقات في منشأه وسلوكه وادابه ومعاملاته واحكامه في مشروعاته عقلا ونقلا سندا الى ايات كتاب الله العظيم فأجاب الخادم لسؤال السائل الفاضل بعد ابتهاله لولي الهداية والارشاد في ايضاح ما سيأتي بيانه ملخصا ثابتا بنقل صحيح ان شاء الله تعالى وسبب ما وعاه الخادم عن شيخه الفاضل دوام ذكره وذكر مناقبه الحميده والاتصال الشديد به رحمه الله تعالى ايام حياته والقربان منه والمعاشرة له في الليل والنهار وجميل وعاملاته ونصائحه وعظاته وقبول ما وعيناه عنه بلا تزحزح ولا تغير ولا اختلال عقيدة في كل ما ننقله عنه والاحسان والمحبة يذكران بفعاليتهما حيا وميتا فنسأل الله تعالى بما انحصر في اللوح المحفور بدايه بلا نهايه ان يجعلنا نجاور شيخنا الفاضل في الاخر كما جعلنا نجاوره في الدنيا وان يختم لنا ولمشايخنا واخواننا بخاتمت الخير كما ختم لشيخنا الفاضل وان يعاملنا بلطف وعطف وجوده وكرمه واحسانه في الدنيا والاخره كما يعامله به انه اللطيف المنان المتطاول بالمنه والاحسان
(من كتاب التراث)

ادابه في الزهد والسياحه

وسمت همة الشيخ الفاضل واعتلت درجته واخذ في الزهاده والورع والعفاف والانفراد في الجبال فوافقه على هذا الرجلان احدهما يدعى الشيخ جابر والاخر ابو صافي رحمهم الله تعالى واعاد الينا والى اخواننا من بركاتهم ودخلا في ما دخل فيه الشيخ الفاضل من زهاده في المأكل والمشرب واللباس وما الى هذا من اوصاف تخلي عن الدنيا والعرض عنها والشيخ الفاضل امامهما ورئيسهما علما وعملا فكان المرحوم يتكلم لنا انه كان يزرع الشعير عفارا ثم يحلشه بيده ويعجنه بقشوره ثم يخبزه ويأكلونه غير منخول وهذا يسمى خبز الخشكار في مذهب العباد والزهاد وداومو على ذلك مده فوجدوا منه ضررا لاجسامهم الطاهره فعدلو عنه وجعلوا يأكلونه منخولا مده فلم يخلصو من ضرره فعدلو عنه جمله فصارو يأكلون القمح اخذين بالاقل منه مع مداومة الجوع الكثير حتى قيل ان جسم المرحوم تقبض وتقفص من زيادة الجوع وهذا ما كان المرحوم الشيخ الصافي يتكلم به ويؤيد ما ذكر ان الخادم كان يسمع المرحوم يحمد الله تعالى ويشكره على ابقاء عقله عليه ويقول (دخلنا في بدايه امرنا فيما قصدناه بجهل معرفه ومشينا في الجبال ليل نهار وبحمد الله تعالى ومنه علينا ما وجدنا حالا نكرهه لكن لعلم الله تعالى بضعفنا وقصدنا دفع عنا ذلك بمنه وكرمه وهكذا كنا نسمعه يقول ...وكان سمتهم رحمهم الله تعالى في سلوكهم وطريقهم ...ما كان يفعله الزهاد سلاك طريق الاخره فأماتوا الشهوات في انفسهم فعلا ونية وجلسو على بساط الكرامة رجالا نجباء اشرافا) شهد لهم بذلك كتاب الله العزيز فطوبى لهم ولمن حذا حذوهم وسار سيرهم لا اعدمنا الله تعالى في دارنا هذه من أكثاله انه ولي الاجابة

ولما برز هؤلاء الاعلام الى هذا الميدان بالعفاف والزهد وحصلو على هذا المقام الرفيع والسيادة ،ودامت تلك الاوقات منورة مشرقة بأولئك السادة فلما تم ذلك بتوفيق الله واسعاده شمرت جماعه من الاخوان وتحلو بحلى الشيوخ في الورع والزهد وحصلو على بعض ألات هذه الطريق واتخذوا الخشن الخلق من اللباس والجاف من الطعام وتورعو عن الكثير من اللذات البدنية طمعا في اللحاق بما حصل عليه اولئك القوم المقدم ذكرهم

ثم انبرى اللاحقون الى ميدان التقي يتبارون ويتنافسون بهمم كليلة وعزائم ضعيفة وطمع كثير منهم ان يدرك السبق من الفرسان الأولين وداموا على هذا مدة متكافئين ولكن ما استقامت لهم حال حتى النهاية ،لما ليس هو مطبوعا في جبلاتهم من خاصية المثابره والاحتمال فاعترضهم عقبة كؤود وهي حب الدنيا وشهواتها والنساء والبنون وما شاكل ذلك فبينما هم بين حالين واذا بالزمان قد انقلب وتغير فرجع المساكين المتشبهون بغيرهم على الأعقاب الا قيلا منهم

حبه للعزلة وحاجة الناس له

تكلم بعض الثقات عن المرحوم في مبدأ امره انه ما كان يقبل من احد شيئا من حطام الدنيا هدية ولا استحبابا الا نادرا مع وجود الكفاية مع الاخوان في وقته وذلك قصدا منه رحمه الله عليه لامرين-

احدهما عفه منه

والاخر حتى لا يصير تحت رق احد

ودام على ذلك مدة الى ان صار في زمان العسر وفاقت شديدة مع وجود اغنياء وميسورين والله تعالى يجري الخير على يد من يشاء فحضر الى المرحوم جماعة من الاعيان وقالو له .....يا سيدنا ان الاخوان في فاقة الاخوان الاغنياء مطلوبهم التماس البركه من حضرتك فما يضر جريان الخير اذا كان على يديك ونحو ذلم القول والرجاء وما زالو يلازمونه الى ان قبل فصدهم واجاز مطلوبهم واجرى الله تعالى الخير على يديه هذا ما ذكره بعض الثقات...

ثم عدلو معه الى شيء اخر واسلوب مخالف لما في طبعه السليم من حب للانفراد والعزلة عن الناس وهو ان يقف نفسه الكريمه اماما للخوان بمجالس الظاهره العامه والخاصة سمت من مضوا من مشايخ الزمان فأبى ذلك مؤثرا للانفراد والاقامه في الجبال والانقطاع الى الله تعالى والاشتغال بعبادته والتجرد عن كل ما عدا هذا
فعادوا طلبو منه ما هو اقل من الاول واخف عبئا وهو ان يجعل لهم وقت معلوما لالتماس البركه بمشاهدته ومجالسته والاستفاده من علومه ولقضاء ما يكون لهم من مصالح ضروريه التي لا يمكن قضائها على يديه وبرايه السديد فاجابهم الى هذا وهو مكره مجبر وهكذا ذكر بعض الثقات فسمحت نفسه الشريفه بذلم وهو ان يعين لهم ميعاد عندهم في قرية منعزله وان تكون هذه الزياره مدة صيف وله باقي السنه الانشغال بخاصة نفسه فانتظم الحال على هذا الأسلوب وصارت تلك المده فرحا بالاخوان وزيارة ينتظروها من عام الى عام ومشت على تراتيب محمودة نذكر منها تيسر ان شاء الله تعالى....

جدد رحمه الله ما كان اندرس من طريقه الماضين قبله وقوى ذلك ورفع معالمه وزاده تبيين بالشرح والتفسير فعادت الامور الى استقامتها الأولى وقطع بدعا مذمومة كان قد احدثها المغالطون المكابرون ضلاله وتضليلا على غير الهدى من ربهم حتى كاد ذلك يصير مذهب يسلكه المخاالفون والمقصورون فرحمه الله تعالى ورحمنا به وبامثاله فكم من المشكل اوضحه ومعضلة حلها وطريق صعب ذللهوضلال بدده وانحراف عن النهج القويم رده الى الصراط المستقيم وعلم وبصر وشفى وهدى وارشد وما زال الزمان به وبامثاله زاهرا مشرقا حتى تغير الوقت وانقطعت تلك المجالس وظهر حكام غطارس وتشتت الشمل واحترقت اماكن المرحوم الشيخ وشرح ما وقع في تلك الاوقات يطول ،فارتحل رحمه الله الى القرية التي توفي بها ولزم كنه واشتغل بخاصة نفسه وهو يقيم على حمد الله وشكره وعلى ما صار من المحن والضيق في تلك الايام

ادابه في حق السيد العظيم وحبه الكرام(ص)

ومن ادابه في حق السيد العظيم صلى الله عليه وصحبه الكرام اجمعين-

تبجيلهم وتعظيمهم والابتهاج بذكرهم وتنزيلهم في منازلهم وحفظ ما ينسب اليهم من حكمهم الباهرة حسب الطاقة ،وقبول اوامرهم والانتهاء عن نواهيهم ، وحب كل ما يوصل الى حبهم ،والابتهال والتضرع والتوسل لهم في غفران ما جناه من الشر وقبول ما اكتسبه من الخير والطلب الحثيث والسؤال في رضاهم عنه وشفاعتهم له وغير ذلك من الاداب مما لا نقدر ان نستوعبه او نحصيه عنه

ادابه مع كتاب الله تعالى

ومن ادابه رحمة الله تعالى مع كتاب الله العزيز-

صيانته عن غير اهله
وايصاله الى اهله حسب التمييز والطاقه بلا جنوح ولا هوى
وحفظه ودرسه حسن تلاوته بموجب معناه

وكانت قرائته لكتابه العزيز قرائة درايهوتلاوة لا كقرائتنا تلاوة دون درايه وذلك بحسب ما رسمه الامير السيد قدس الله روحه في شرحه الشريف في قوله-
لا يكون وصول الفاظها الى سمعه باسرع من فهم معانيها

شي حلو كثير ومهم لكل موحد يعرف عن سيدنا الشيخ الفاضل. شكرا امال عل موضوع.

الشيخ الفاضل عرف الهدف من الحياة وكسب الآخرة بعلمه وافعاله. الله يقدرنا انو نمشي عنفس الدرب.

الواحد بس يفكر بيعرف وبيستغرب وين هو بعدو ووين المشايخ مثل الشيخ الفاضل صاروا بسباق الدنيي

تقيده بشروح الأمير السيد (ق)

ومن ادابه رحمه الله تعالى مه شروحات الامير السيد قدس الله روحه-

انه كان واقفا على جليلها وحقيرها ملتزما حدودها حاضا على العمل بها وانتهاج نهجها
وكانو يسمعوه يقول-

كل ما راه الاخوان من امور تشابهت والتبست ودواخل تغيرت سببه عدم ملازمتهم شروحات السيد الامير قدس الله روحه
وكان يقول-

شروحات السيد الامير امامنا هي اول ما يحاسبنا فيه يوم القيامه لانها واضحة موضحة ما تركتنا في شبهه ولا ابقتنا في حيره وفيها كفايتنا وما نريد علما وعملا

رأيه في زواج الفقير

دخل عليه رحمه الله يوما احد الاخوان في طلب الصدقه لرجل فقير من اخوانه فسئله عن عدد الاولاد بموجب الشرح فكان عددهم زائد فامتعض الشيخ
فقال له خادمه-

سيدي حضرتكم شركاء للفقراء في هذا المدخل المليح والواجب ان يقع تحريج كي لا يتزوج الفقير حتى يغنيه الله من فضله
فكان جوابه لخادمه-

يا اخي غلبونا غلبونا ...ما امكنكم ان يقبلو منا فكيف نعمل معهم ؟؟

وكان رحمه الله تعالى مع زيادة التدقيق والتحوط في مذهبه حسن الظن بالاخوان فقال لهم انتم افضل منا ،نحن ما لنا فضل

معاملته مع مشايخ عصره

ومن ادابه رحمه الله تعالى مع مشايخ عصره انه كان ماشيا معهم على غايه الوقار والادب لا يعترض عليهم فيما يفعلونه في بلادهم وهم كذلك معه الا اذا حدث امر مشكل ينبغي اجتماع الرأي لحله فيكون ذلك وكان مفوضا اليهم امور بلادهم يعملون بأجتهادهم ويتحرون الحق قدر امكانهم فاذا عرض لهم ما يستدعي مشوره الشيخ المرحوم استشاروه واستناروا برأيه وكان مشايخ كل ناحيه يسوسون امور ناحيتهم على هذه الطريقة مع متابعة الشيخ لهم فيما يقرونه بالرأي والوفاق
وكان يقول رحمه الله(يرى القريب ما لا يراه البعيد ) متقلدا منهم الجميل برفع مؤونتهم عنه واشتغاله بنفسه واذا حدث حالت مهمه في بلاده او بلادهم تحتاج الى مقابله اشخاص وخواطر كانو يجتمعون ويتشاورون وكلما وقع عليه الاعتماد مشى الحال فيه بلا خلاف والمرحوم كان القطب فيهم والمدار جميعهم يتعاونون على البر والتقوى والامر بينهم شورى

وكان اذا وقع خلاف بين الاهل ناحيه مشى الشيخ اليهم واصلح بينهم بنفسه يفعل هذا تارا وطورا كان يبعث برايه السديد ونصحه الرشيد مع طول الروح ولطف ولين الكلام ويتساهل في امور مالها الى الصفاء ولم الشمل بين الاخوان وبغيته اصلاح الحال وحسن الخاتمه واذا رأى الامور متباعده متنافرة الى حد لا يأذن بالتوفيق جاوز هذه الحاله واعرض عنهم بشيء من الكظم الى وقت اخر حتى تستوي الامور وتصبح قابله للاصلاح فيباشر ذلك ويحصل التوفيق على يده فكان رحمه الله يحب المشوره في الامور خاصها وعامها
ويقول-

كل رأس فيه حكمه

وكان يحب مشوره من له ميزة وسبق سن في الخير ومعاشرة المشايخ اهل السلوك وكان ينزل كل واحد في منزلته على حسب مقامه ويشير بالتوقير والبجيل اليهم جميعا حاضرين غائبين ومن كان متقدما في الخير والسن والصحه ،كان له عنده خصوصيه زائده على غيره وامتثالا لامر سيده وكان الاصفياء من المشايخ والاخوان عنده احتفال عظيم واظهار سرور وبسط وجه فوق عاده في ملتقاهم ومفاتحتهم في الواجب مع وجود البشر والبشاشه ورعاية المحبه للجميع فبهذه السياسه واخلاصه رحمه الله تعالى ملك قلوب الناس فاذعنت اليه وتعلقت به وكان يهرب الى الجبال ليبتعد عن الرياسه والمشيخه وهما لاحقتان به كانهما متعلقتان باذياله لان الناس امورهم عجب يشغلون من يتعلقون به حتى ينغصو عليه في الدسن والدنيا
كما ورد عن حاتم الاصم انه قال-

طلبت منهم الطاعه والزهاده فلم يفعلو فقلت لا تمنعوني عنهما اذا فعلتهما فمنعو فقلت لا تدعوني الى ما لا يرضي الله العظيم فدعوني فقلت لا تعادوني ان لم اتابعكم فعادوني فلما رايت ذلك تركتهم واشتغلت بخاصة نفسي
ومما شاهدناه من امره ان رجلا كان نازحا عن بلده ساكنا في البلد الذي كان يقيم المرحوم فيه فصدر من ذلك الرجل خطء ،يوجب المؤاخذه والعقاب فتكلم بعضهم مع المرحوم الشيخ ابو صافي حتى يكلم المرحوم الشيخ الفاضل في حال ذلك الرجل وكان الشيخ ابو صافي عند الشيخ الفاضل رحمهما الله معزه وسابق صحبه واخوه وهو الشيخ ابو صافي صاحب حمله فكلم المرحوم الشيخ الفاضل في فض مصلحة الرجل بحضور خادم فابى فراجعه غير مره فكان جوابه لابو صافي نحن لا يمكننا ان نتعدى مقتضى الادب فمشايخ الرجل ليسو بمعترضين علينا في بلادنا في امور اخواننا فنحن يجب علينا ان لا نعترضهم في بلادهم في امور اخوانهم هذا لا يكون منا والرجل اولى به مشايخه وما فعل ان يترم له يوما واحدا بل احالت على مشايخه هذا ما كنا نعهده من المرحون من الاداب مع مشايخ عصره ويتابعهم ويتابعونه رحمهم الله جميعا ورحمنا برحمتهم
ما كان اكمل سياستهم واقوم سبلهم جمعنا الله بهؤلاء السادات في مستقر رحمته بجاه سيد المرسلين
وكان رحمه الله كثيرا من الاوقات يحيل كثيرا من الاخوان على المشايخ وعلى بعضهم بعضا ولا يعترضهم في شيء يفعلونه طهاره منه وحسن ظن وقصد راحه وكان يقلد الاخوان في صلح بعضهم بعضا ويتابعهم فيما يفعلون ،كل ذلك لكي يشتغل بنفسه الموقوفة لمراضاة الله وعبادته وكي لا يتعرض لخطر يدخل عليه

احسنت الانتقاء يا امال
انا ادرس عنه
ومن الجدير ذكره ان سيرته وادابه واحكامه وحسن معاملاته واشعاره المشوقات ما زالت تتردد على السنه مشايخنا في ليالي الاثنين والجمعه.
ادامك الله ذخرا لنا
نبيل

تسلم ايدك امال مواضيع تستحق
الطرح والتثبيت ..
لا تعليق اكثر...

سلمت يداكي يا امال احسنت اختيار الموضوع كعادتك دائما

وقد سمعت مره عن سيرة حياة الشيخ الفاضل بانه كان دقيق جدا في افعاله واقواله لدرجة ان احد المشايخ اراد ان يعزمه على اكل برتقاله فقال له باللغه العاميه : قشر برتقاله يا شيخ . فما كان من سيدنا الشيخ الفاضل الا ان قام بتقشير برتقاله وارجاعها الى الصحن فقال المضيف : لماذا لم تأكلها يا شيخنا .. فاجاب نفعنا الله ببركاته : لانك لم تقل لي كلها بل قلت قشرها فقشرتها ....

القصاص بقدر الذنب

ومن ادابه رحمه الله انه كان بهم رؤوفا وعليهم شفوقا يسر لسرورهم ويحزن لحزنهم متفقدا احوالهم سائلا عنهم في السراء والضراء باسطا اليهم اياديه الكريمه مساهما لهم فيما يصيبهم من محن الزمان وطروق الحدثان ،منزلهم في منازلهم على حسب ما وقع الامر ،ان جنى احد منهم جناية او ارتكب ذنبا ،زجره ونهاه مع الشفقه والرفق ولين الكلام وجعل لومه له لطيفا وعلى قدر الذنب فان كان الذنب عمدا كان القصاص اشد واللوم اعنف وان كان سهوا او غفله او تقصيرا او عدم تمييز كان الجزاء على حسب المصلحه وبمقدار ما تقتضيه كالحكيم اللبيب الماهر يصف الدواء المنجح الناجع للداء ويضعة في محله وكان رحمه الله يستحسن احاله ابعاد الرجل على من جاوره واذا كان المجاور ذا ميزة لان الجار اخبر من غيره بجاره،واذا لم يكن عليه هوى او اليه جنوح وان كانت الجنايه تحتمل مشوره ذوي بصائر ممن كان لهم معاشرة مع مشايخ السلف الصالح ومع من قبله،شاورهم واستن بسنة الصالحين المتقدمين واعتمد على ما كان فيه صواب وكان رحمه الله تعالى واقفا عند الشبهه يتجنب العجله في فض الامور خصوصا في ابعاد الاخوان وتقريبهم خوفا من الوقوع فيما يخالف خاطر سيده وكان من معقوله ترجيح اثم تسليم العلم الشريف على منعه ويقول-

المنع فيه تدنيس والتسليم فيه تغيير عن اتباع الحق اليقين

وكان يقول في ابعاد الاخوان-

يحاسبهم الله تعالى في ذنوبهم ولا يحاسبني بظلمهم لان ابعاد الاخوان يهز بدني

هذا ما كان يقولة رحمه الله يحب احاله ابعاد الاخوان وتقريبهم على غيرة في كثير من الاحيان خوفا على ذمته

ومره تعالج امرأتان فقال زوج الواحدة منهما لزوجته -حاجة..كفى تفشرين
ثم ندم على ذلك واعلم الشيخ الفاضل به
فقال المرحوم-

لا يا بعدي موضع يخرج منه الدر لا ينبغي ان يخرج منه كلام فالت

وترم له بعدا 10 ايام

قناعته

وكان رحمه الله يحض الاخوان على القناعه والكفاف وينهي عن السوف والتبذير ويثني على من اتبع ذلك بالحمد والثناء الجميل ويبشره باليسير والكفايه من الله تعالى ويذكر قوله تعالى-

ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين

وكان يحب القنع ويفعله ويستحسنه من كل احد حتى انه قال في معرض مدح القنع وذم السرف-

تكون الكبريته حاضرة واشعل السراح بقشوش توفيرا عن ذمتي

وكان رحمه الله يفعل ذلك في طعامه وشربه ولباسه وغيره...ويأمر به غيره حتى في وقت مرضه الذي نقل فيه الى رحمة الله تعالى وكان يقول-

هذا الزيت الذي تحرقونه انما تحرقونه على ذمتي في السراج في الليل ثم يتحسر ويتوجع من ذلك لعلمه بالضروره الداعيه

وكان من عاداته حب الجلوس في العتمه لوجهين -
1-الاستغراق بلذة الاستحضار والمشاهده بقلبه للذات المقدسة لما هو مجبول في جبلته بالقوة

2-توفيرا عن ذمته كما ذكرنا

طريقته في اشاعة الرفق والايثار بين الاخوان

ومن ادابه رحمه الله تعالى ان كان يحب ويستحسن الرفق والايثار بين الاخوان وبين الصحب والرفاق والعائله
لقوله تعالى-

ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصه ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون
وكان يقول-

اذا اراد الله يقوم خيرا انزل الله بينهم الرفق فيقصد كل منهم الايثار على نفسه لاخيه وصاحبه

وقد شاهدنا ذلك فيه عيانا وعملا رحمه الله مع من جاوره ورافقه وماشاه ومه نسائه وذويه في الطعام واللباس وغير ذلك مما هو محبوب ومطلوب ومرغوب فيه بالجبله الانسانية وكان نزيله مكرما عزيزا من الاخيار او من الاشرار فصيانه وسدا للعرض وحسما لالسنتهم ونحو ذلك
وكان يقول-

لو كان الصرف على الاخوان والنفقه بالقناطير والغرائلا مع الايجاد والقدرة على ذلك لكان الخاطر طيبا مع وجود خلال لا تشغلني عن عبادة الله وتوحيده ...ثم يقول وما يشغلك عن الله من اهل ومال وولد وغير ذلك فهو عليك مشوم

وكان رحمه الله يأمر بالتواضع وخفض الجناح ويقول-

ذللوا هذه النفوس تجدوا عاقبة ذلك عند الله تعالى

وكان اذا دخل عليه انسان يتعظ منه بلسان حاله ولسان مقاله عاقلا كان ام جاهلا فيدخل عليه بسمت ويخرج من عنده بسمت ولذلك كان كلامه والنظر اليه موعظه وكان الخارجون من مجلسه يظهر فيهم اثر هذا في انفسهم وفيما بين ايديهم
فقال له خادمه يوما ما-

يا سيدنا اننا اذا دخلنا عليك ورأيناك في هذا الحال الذي حضرتك انت فيه اتعظنا بك وخرجنا تائبين ثم نعود الى ما كنا عليه انا تؤخذ علينا موثقا في الثبات لعل الله يمن علينا بذلك فكان جوابه رحمه الله بعد الاعتراف عن نفسه بالنقص والدعاء بحسن الظن فيه من الناس-

يا بعدي جزاكم الله عني خيرا هذه درجة الخصيصة لا درجة عالم المساواة واتي بالشاهد الصريح

سبحان الله كيف المتزهد يتخلى عن كل شي
ويعود نفسه فقط لعباده الخالق
اللهم اهدينا مسلكه
واجعلنا من جوارهم
يسلموو امول

يسلم ايديكي اموله

يسلم ايديكي اموله

سياسته مع السالكين مسلك التوبة والاستغفار

ومن ادابه رحمه الله تعالى مع تائبي عصره-

انه كان رفيقا بهم،محسنا لهم،بشوشا في وجوههم،مرغبا لهم فيما دخلو فيه،محببا اليهم حفظ الفضائل ومطالعة اخبار الصالحين ووعيها،حاضا لهم على السلوك المستقيم،مبشرا
لهم ان داموا عليه،بالوصال الى العلم الشريف عندما يأذن الله سبحانه وتعالى ناصحا لهم في رفع انفسهم عنه تشريفا له عما صاروا اليه من الذنب الكبير الذي وقعو فيه
قائلا لهم ان الظلمه لا تعادل بالنور وان العفاف هو الافضل كما جاء في المعلوم الشريف وان قصاص من يقع في احدى الكبيرتين يكون بعده عظيما
ونحو ذلك من القول الواعظ حتى يوقع في نفوس التائبين ان طريق الوصول الى العلم الشريف والدخول فيه مع اهله طويل ولا بد فيه من المشاق،
ثم يتفضل عليهم فيزهدهم بحطام الدنيا ويرغبهم في اكل الحلال والسعي وراءه دائما ومجالسة الصالحين والاستفادة من مجلسهم فيقبلون منه النصيحه ويبذلون جهدهم فيما امرهم
ونهاهم عنه ويختمون عمرهم على الخير

مذهبه في واجب الغريب للبلد الذي يسكنه

ومن ادابه رحمه الله تعالى انه كان يعجبه ويستحسن اذا سكن انسان في بلد ان يواسي اهله بالمعروف على قدر استطاعته برأيه وماله في خسارة او مظلمة تصيبهم بلا سؤال منهم تطييبا لخاطرهم ويكون معهم في محاضرهم التي تليق به من سرور او عزاء وان كان له عندهم املاك او زراعه في ارضهم يواسيهم في وزن الاموال السلطانيه بلا طلب ولا سؤال حتى لا يبقى لهم عليه جميل وتبرأ ذمته من منافع تدخل عليه من بلدهم ،هذا ما كان يقوله ويتكلم به ونشاهده منه بفعله مع اهل اي بلد يسكنه اذا نزل بهم مغرم من حكام فيعطي اهل ذلك البلد ويتكرم عليه بلا سؤال ولا طلب بل من تلقاء نفسه الكريمه حتى كان يتوسع في هذا فيعطي عن بعض جيرانه بغير علمهم وكان يظهر الاعراض عمن لا يعطيهم حسب الطاقه والدخل الذي ناله من بلدهم ويعرض في كلامه بتقصيرهم فيقول-

يا ترى ايليق بمن يسكن بلدا ويحترف حرف اهله من زراعه وتربية قز واحتطاب وامثال ذلك من منافع ذلك البلد ان لا يواسيهم بالقليل في بعض مغارمهم البرانية على حسب قوته وامكانه مساهمه لهم في حالهم ووفاء عن ذمته ؟؟

هذا كان رايه ومذهبه
وكان يحكي عن رجلين انهما كان ساكنين في قرية فكان احدهما اذا رأى اهل القريه مجتمعين في جباية خساره برانية كمغرم وما اشبه دخل بيته واخذ ما يسره الله تعالى حسب طاقته ثم يخرج فيدفعه الى القوم نع الاعتذار اليهم ويقول-

هذا ما تيسر ولا تؤاخذونا

فيشكرون له حسن صنيعه هذا ويرضون منه بالقليل اليسير لانه دخل من الباب
وكان الرجل الاخر لا يعطي الا بطلب وشهرة وكسر حرمة ولا يبقى لعطائه حسن وقع ولا حرمة ..هذا ما كان الشيخ يرويه ويتكلم به ويقول ما ابعد الفرق بين هذا وهذا؟

ثم يقول-

تبا للدنيا تجلب لصاحبها كسر الحرمه وتدنيس الذمه والعرض بين الناس وعند الله سبحانه وتعالى

ادابه مع نفسه

ومن ادابه رحمه الله تعالى ونفعنا واخواننا ببركاته مع نفسه الكريمة انه كان ملازم الحزن على نفسه كمن فقد له عزيز ويتأوه ويتوجع ويقول-

وا حسرتاه من تألم مبرح لو كان لنا مفيد حاذق وسرداب تحت الارض حتى نبقى نستفيد من المفيد ونلوذ بذلك السرداب

ثم يعيد الحسرة ثانية ويتلهف ويقول-

لو اننا نعلم بمفيد قريبا كان ام بعيدا لسعينا اليه ولو بمشقه شديدة

ايثار اللون الازرق من الثياب

ومن ادابه رحمه الله تعالى في كسوة بدنه الطاهر انه كان حاذيا حذو الزهاد سلاك طريق الاخرة فانهم اختارو لبس الازرق من الثياب دون غيره
كما ذكر مصنف كتاب الاحياء في الجزء الاول من ربع المهلكات من انهم اختارو من الالوان الملبوس الازرق من الثياب دون غيره وربما كان مقصدهم فيه لقلة كلفته ولكونه يحتمل وسخ اكثر من غيره من الالوان ووجدو ان اللباي الاسود مخالف للسنه الاسلاميه وكذلك الابيض من الثياب فانه لا يحتمل الوسخ والدرن مثل الازرق لكونهم سياحا في رؤوس الجبال وبطون الاوديه
فحذا المرحوم حذوهم في زيهم وسلكهم
وقيل عنه انه في مبدأ دخوله في الزهاد كان له احتفال عظيم في مطالعة اخبار الزهاد كأ، ميله الى هذا كان منطويا في طبعه السليم وكان اذا لبس قباء جديد لبسه تحت الثوب العتيق حتى اذا زالت زهرته ونظارته صار يلبسه مكشوفا فوق ثيابه كل ذلك لزهده وورعه ودقة سلوكه رحمه الله تعالى وما كان احلى سلكه وطريقه

وكان من زيادة تدقيقه يقول-

لا ارى من اللائق بمن يخطر ويزور ان ابليس افخر ثيابه متزينا بها بين الناس لان ذلك من علامات التصنع والرياء بل اذا خطر يخطر بثيابه التي تكون عليه ولكن ينبغي ان تكون نظيفه لان النظافه من الايمان
وكان يبدل قميصه دون سائر ثيابه مرة في اقل من جمعه زمان مراعاة لرسم السيد في قوله -
لا يعود الانسان جسمه لبس القميص الوسخ لان جميع من اتى من بعد السيد من بحره استقى ومن عذب موارد علمه ارتوى وارتقى

من ادابه حال غضبه

ومن ادابه رحمه الله تعالى انه اذا اتت عليه حال تحرك غضبه تبين الغضب في وجهه المنور بالايمان ،ثم يتململ ويدخل يديه في كميه ويسكن هنيهة ريثما ينسري عنه الغضب ويلين خاطره ثم بعد ذلك يتكلم في تلك الحاله بكلام موزون مضبوط بتميز صحيح مثل الحكيم البصير الذي يضع الشيء في محله ويكون الشفاء فيه فيربح ويستريح هذه كان صفته حال غضبه بلا هزه ولا حركه ولا كلام فالت

ربي يهدينا عطريقو
يسلمو امول