خطاب الأستاذ كمال جنبلاط في افتتاح مدرسة العرفان التوحيدية في قريه السمقانية في لبنان سنة 1947..

خطاب الأستاذ كمال جنبلاط في افتتاح مدرسة العرفان التوحيدية في قريه السمقانية في لبنان سنة 1947.

ايها المشايخ الافاضل،ايها الأخوان

في غمرة انهماك الدنيا الحضاريه الصناعيه باغراض الاستهلاك وفي طفرة انتشار العلم وتوزع التعليم وشموله وفي مرحلة اختلاط القيم والمفاهيم خيرها وشرها،في كأس العيش الواحد ،وكما لم نرى ذلك سابقا في التاريخ القديم والجديد الا في باكورة عصور الانحطاط الحضاري ،قامت في هذه الفسحه من هظبات الجبل نهضة مباركه للأخوان لنا من ارباب مسلك العرفان،تميزو بالتقوى والبركه وصفاء القصد ،لتأسيس هذا الصرح الصغير من صروح التربيه السليمه التي سبق واشادها بعض ارباب النهى الاخرين في ضل شعار اركان مناقب الاحديه الموحده والتقليد المعنوي الحميد.

فالتعلم ليس هو شحن الفكره بالمعلومات بل هو ترويض العقل وتهذيب الحواس العشر (حواس الادراك والحركه) وتنميه الجسد السليم وشحذ الهمه وتوضيح مشاركه الانسان الفرد وعلاقته بالعائله وبالمهنه وبمجتمع الدين وبجماعة الأمه ،وبالدوله ،والبشريه.

بروكت هذه المساعي وعمت بأذن الحق هذه الاعمال والمشاريح الراميه ،مع سواها مما هو في حقل المبادره او التدبير الى احداث الاصلاح المنشود،والنهضه المرجوه في معالم ومؤسسات هذا المسلك الاحدي الشريف الذي جمع لنا (بذور الحكمة القديمه) التي امتازت بها ثقافة العصور، وكان زبدتها وذخيرتها في كل زمان وفي كل قطر ،وحفظها لنا بعد ان اقامت الشرائع الدينيه السماويه بدور تجميع الامم في محاريب الانبياء والرسل وفي كور الشمول شبه الكوني، واختتمت بذلك عهود العقائد ذات الطابع الجماعي الشعبي المحدود بأمة وبمصر من الامصار ،كما كان عليه الوضع قبل النصرانيه وقبل الاسلام.

وكل بعث اتراث وكل نهضه حقيقيه توجب ان يكون عود الى الاصل الشريف ،وينبوع الاصل،خاصه وان مورد الحكمه والعرفان كان منذ بدء الزمان ولم يزل على حاله دون تغيير ولا تبديل جوهرا وشكرا وان تعددت الفروع والجداول والمجاري.

وانما التربيه الحقيقيه تحول وصيروره ...فهذه النفوس الطريه البريئه المشبعه بعطر ربيع الحياة ونشوتها ،والتي ترعونها في معهدكم فتلبسون منها الجساد بهذه الاثواب البسيطه المحتشمه الجميله ،وكانها اشكل حيه لازهار جنة القلوب ،هذه النفوس لاولادنا واخواننا واجزاء نور الأبداع المتجسد في رواية سمعنى وبصرنا هي التي تسعون لتحويلها من طور الكثافه الموروثه عن الاجيال السابقه والمخطوط قدرها في لوح الفكر والشعور والغريزه ،الى صور الطاقه قبل ان تبرز بذور الفكر الباطن فتفعل فعلها في جذب التفكير والتخيل والأراده اليها ...ففي هذا السن البكور تكون نزاعات النفس مستبطنه ،متغلفه في بذور الذهن اللطيفة ولذا فهي قابله للتهذيب والتشذيب والاستناره والتحول وقديما كان القول المأثور (العلم في الصغر كالنقس في الحجر)

انني اغتبط لما اراه من بداية نهظه نبش التراث،وتمحيص لحقيقة التوجيه ومبادرة الاصلاح والصلاح،اخذت تنسم رياحها وتتفتق براعمها منذ ان صدر كتاب( اضواء على مسلك التوحيد ) الذي شاركنا الاخ الدكتور سالم مكارم في تأليفه وتقديمه،منذ ان وزعت على المجالس وعلى مشايخ الدين وبعض المفكرين والمثقفين والاتقياء وطالبي الحقيقه،بعض كنوزها المخطوطه تنويرا لمعالم الحكمه الشريفه

والبعث التراثي والروحي لا يكون الا في مستوى هزة تعيد الحرف الى معناه الحقيقي وتجلي في قالب الظاهر في ما انطوى عليه نور الباطل...فلا يصلح الشكل بما يقارنه او يشابهه من اشكال وكلها مظاهره للكثافه بل يقوم صلاح الشكل في استيعابه لقصده اللطيف ،ومناله الباطن وغايته في العوده الى بساطة الجوهر والمبدع ،ولكن هذه النعظه المباركه ،يجب ان يرافقها ويلازمها -

1-توسيع رقعة استيعاب هذه المدارس وذلك بمداها بعون مال اوقاف المقامات (النبي ايوب (ع)الست شعوانه،النبي هابيل،مقام شمليخ ع......الخ) وبمساعدة ارباب الراسماليه والثروة في الطائفه الموحده .

2-فتح مدارس مماثله في سن التعليم التكميلي والثانوي ،يجب ان يسبقها ويكملها في نظرنا انشاء معهد جامعي لتخريج المعلمين والمثقفين الذين يرغبون في الاستناره والاقتباس لاجل توثيق صلتهم بما يرغبون فيه من معرفه تؤهلهم انهم تابعو المسيره لحظوه كشف معالم الدين على يد المشايخ العارفين الاجلاء ومن الاندراج في مسالك هؤلاء ويكون هذا المعهد على شاكلة (دار العلوم)التي انشأها الحاكم الحكيم في القاهره المعزيه بالنيبة الى عامة الموحدون بينما (دار الحكمه) كانت تختص بمن رغب في التعرف الى حقيقة وجوهر المعرفه الدينيه ومسلك الاحاديه .

3-تزويد المدارس العلمانيه والدينيه الخاصه والحكوميه بمعلمين يشرحون للطلبه الدروز بعض ما بتيسر عرضه وما تفرضه ضرورة التثقيف الروحي والتوجيه الاخلاقي فلا يعرف في يومنا هذا التلاميذ والطلاب الموحدون شيئا عن معالم مذهبهم فلا يتركون هكذا في جهلتهم او عميتهم ،تتجاذبهم الاديان وهم لا يدركون ان زبدة الاديان موضوعة ومستودعة ومستأمنة في مسالك الحكمه والعرفان كم يسعى في طلب ضوء الشمس متجها الى الغرب وهو يدير ظهره وهو لا يدري الى دائرة القرص النوري الذهبي لبصلعد في هودجه المثير في الشرق

ويجب ان ندرك في هذا الباب خلاف لما يفتي بعض المتدينين ضيقي التصور ،ان كل مذهب ومسلك باطن يعتمد مبدء التدرج في المعرفه وعلى هذا قامت الدعوه الاسماعيليه والدعوه الفاطميه الموحده وقبلها دعوة العرفانيين والهرمسيين قبلها وانما نحن ورثه مسلك عرفان الهرمسه وحكماء اليونان والصوفيه العارفين في الاسلام.

فهنالك ما يمكن وما يجب ان تعرفه العامه وهناك ما يمكن وما يجب ان تعرفه الخاصه من معالم التوحيد العرفاني وهنالك ما لا يكشف وما لا يجب ان يعرفه سوا خاصة الخاصة....اذ ان في كل عقل،في انفتاحه الى النور طاقة استيعاب تختلف عن سواها في عقول الاخريين ،فليس الاعمى في الموضع المبصر ولا شحيح النظر في مقام الذي لا يشوب عيونه قصور او كثافه....

4-يجب ان يوضع لاجل التعليم الديني بالنسبة الى الاطفال وثم بالنسبه الى الصبيه ،وثم بالنسبه الى الشبان كراريس تدريجيه في الشرح والفهم ،يتداولونها ويستقصون حقائقها ويناقشون مضمونها ،ويتفهمون مقاييسها وتسطع عليهم انوار حقائقها الى ان يتداخلهم اليقين والتصور الثابت او الرأي الصواب والنزوع الحازم،وفعل الصدق.

فيجب ان لا ننسى ابدا ان ما يختلف به مسلك التوحيد العرفاني الموحد عن المعتقدات الدينيه ،انها تعتمد الايمان وانه يعتمد المعرفه اي الاختبار فاليقين الذي نجم عنها

يتبع موضوع غير منتهى

كانت خطوه رائعه من معلمنا الكبير كمال بيك
وما زالت لليوم مدرسه العرفان تخرج افواج
وتزهر من عقول طلابنا
طرح موفق جدا انتظر التتمه
تقبلي مروري

شكرا اخت امال
من اروع ما دعى اليه فيلسوف الشرق المعلم كمال جنبلاط
يا ريت نطبق كل ما قاله...
نبيل

يسلمو امال
كلمة تاريخية لشخصية خلدها التاريخ
اعطت الكثير الكثير لابناء الطائفة

التتمه

5-يتوجب انتهاج سياسه بالنسبة الى سواس المجالس تعتمد على تدريبهم وتعليمهم دوريا من جانب الرئاسه الروحيه تماما كما يفعل اليوم في حلقات التدريب الدوريه ارباب الامؤسسات الاقتصاديه والثقافيه....فكيف يدير مجلسا من لم تتوفر فيه المعرفه الا في بعض صورها الجزئيه اكان ذلك في حقل الدين الشريف ام في حقل بعض علوم العصر واقلها معرفة اللغه لبفصحى والتصوب في اللفظ وفي القرائه....

ويجدر التنبه الدائب الى اننا امام تحدي جيل من الشبان والمثقفين كثر عددهم ويزداد باستمرار متصاعد واننا امام تحدي الحضاره الماديه بكامل معارفها وجاهليتها وصواب او انحراف اتجاهاتها .فلا يجوز ان نبقى مكتوفي الايدي والناس في ضياع والشبان تتقاذفهم امواج غلبة الاثره والجهل والانحراف والقلق

6-من المفروض ان تقوم محاضرات وندوات ومؤتمرات فكريه وتقافيه ينشر مضمونها على الموحدون فتزيد رغبتهم في معرفة الحقيقه وتساهم في ردهم عن الغوايا والجهل وتحولهم عن الانجذاب الى ما اسميه معتقدات الظاهر وهي حكم الشرائع وعبادات الاسم وممارسات الطقوس والقول الصوفي الاسلامي المأثور (عابد الله دون معرفه كعابد هواء).

7-لا بد من ذكر حقل اخر للنهضه التراثيه المعروفيه يجب ان يشمل التاريخ والعادات والتقاليد السلميه ورواية القصص وسرد الامثال الدارجه وجمع الادب والشعر الديني والفن الشعبي وحصر الالحان بما يساهم في احياء هذا الريف الشعبي الذي استقى الموحد حيويته وتوازنه واماله وبعض توجهاته وخلقه منه .

8-وفي مواجهة اعباء هذه النهضه بالتراث العرفاني في جميع مستوياته كان يعزنا انشاء صندوق مالي محترم يتغذى من الاغنياء في الطائفه الموحده وقد اصبح لكثرة منهم ثروات كثيرا جدا فيساهم هذا الصندوق في المصاريف التي تستهلكها سنويا هذه الاتهامات التي اشرنا اليها ومن جهة ثانيه تستمر في مد العون المادي لارباب الحاجه من اخواننا الموحدين هذا لمصيبة اصابته وذلك لحادث طرء عليه والاخر لمساعدته في بناء دار والابقاء على ارضه او شراء وسائل ماديه لحرفه او الاستثمار بغرسه وزرعه ...الخ

انني عندما افكر فيما يجب ان افعله كجماعه لهذا الباب ولم يفعل ارى نفسي مرغما دائما وابدا على اعلان التخطيط بقصد اثاره الهمم لكي تقوم لجنه من اخواننا تتمثل فيه عموم الكفايات والاتجاهات فتباشر الى جانب عملنا السياسي ونشاطنا الثقافي والروحي مسئوليه تنفيذ هذا المخطط .

اختم كلمتي بتوجيه صغير ادفعه اليكم جميها

بعد خبره اكثر من ثلاثين سنه في حقل التنقيب والتأمل والمناقشه والبحث والمقابله ويأذن لي ان استوحي روحها من الحكمه الشريفه
فمن الاكيد الذي لا يرقى اليه الشك ان المسلك الاحدي الموحد هو استبرار تراثي وروحي للمسلك العرفاني الهرمسي عند القدماء المصريين ولمذهب الحكمه اليونانيه ويوم انقراض الدين المصري الفرعوني القديم وقد اقفلت ابواب اخر هيكل مصري في منتصف القرن الثالث للميلاد وقضي قبل ذلك وبعد ذلك على منائر الحكمه اليونانيه في اليونان القديم وفي مدرسة الاسكندريه الهيلينيه(مدرسه افلاطون)عن طريق الدين النصراني المنتشر قيظ للمذهب الهرمسي ان يجمع بذور الحكمه القديمه على حد تعبيير الحكمه الشريفه وفضل الحاكم الحكيم انه افضى عليه تاليفا جامعا جديدا .

وكان هذا من نتائج مناقشات وابحاث دار الحكمه الشهيره في القاهره المعزيه وهذا التراث الحكمي ليس وليد المرحله الفاطميه في الاسلام ولا تلك المرحله من النصرانيه بل هو تركه للاجيال الغابره كلها من التاريخ منذ ان نشأ الانسان على هذه الارض والحكمه كانت ولا تزال الباطن الحقيقي والجوهر الاصلي لكل شريعه .

وهذه البذور هي في عهدتنا وفي موضع امانتنا فلا نهملها ولا نستخف بها ولا نجعل اثرها يضعف وتاثيرها يخف في عصر نواجه فيه تحديات كل عصر..وهذا النداء العاصم يرن في اذاننا فلنصغي اليه (حرام على من اعز فقرب وسكم حرم المعبود ان يعطل سبل بيوت الحكمه ويسكن الى غيرها ويعطل الحرم المعبود)وقصد بالحرم قلب الدار وصحنه وقدس اقداسه ..فكيف يترك ابساكن الحرم ليقطن في خارجه اي في دار الشريعه بعد ان تعرف الى قدس اقداس الدار ؟؟؟
واضيف الى هذا القول....حرام على اللذين يهملون كل ما يعني ببذور الحياة والمعرفه فلا يجعلونها تتفتح في كل قلب قابل لها وتضيء بسراجها كل عقل..

وانني احيي عمل ونشاط واخلاص الاخوان المشايخ والمدنيين الذين ساهمو في بناء هذه المدرسه الابتدائيه على مثال ما يريدون ان يكون عليه بداية غرس بعض هذه البذور في صدور الاطفال لعلها تنبت وتستقيم على ساقها زهرة فواحه من الاهليج البهي

نهر من العلم والمعرفه وفلسفة الحياة والاخره
المعلم العظيم كمال بيك من رموز هذه الطائفه
وفخرها الى ابد الابدين فهو خالد فينا في تاريخنا

مشكوره اختي على هذا الموضوع القيم جدا
فهو من اكثر المواضيع اهميه في الموقع

تسلم ايدك امال موضوع اكثر من قيم
يعطيكي الف عافيه...

ما قال كلمة هذا المعلم الا
و كانت منارة للأجيال
و ما فعله هذا المناضل لم يفعله أي شخص
رحمه الله
مشكورة
تقبلي مروري
ننتظر المزيد
رب طفل شاخ من غدرا لطفولة
دمشق 6-1-2011م

من كل كلمه اخذنا عبره
كل الاحترام امول
دمت لنا لتقدمي الافضل

رائع بكل ما قال
يسلمو امول يعطيكي الف عافيه

بحر من العلم
بانهار من الفائده
كلها صبت في محيط المعلم الكبير لنستقيها
شكرا لك

الله محي اصلك على الموضوع بيجنن

الله يرحم المعلم معلم الكون وتاج راسي. Very Happy

دخل الله شو بحبه الله يرحمه كان منارة وما زال للطائفة.

شكرا عل موضوع استمتعت بكل كلمه فيه