عمّ يتساءلون عن النبأ العظيم

عمّ يتساءلون عن النبأ العظيم

ويتواصل الإرسال الضحوي الجديد ليقظة أبناء النور أصحاب المسلك المستقيم، والنهج القويم والمحبة والنعم والبركات وسعادة اتصال الذات بالذوات، لكم السلام وأطيب الكلام. أينما كنتم لكم الحفظ والرعاية والتأييد والصبر الجميل، لا صبر المحن والإنتظار والمعاناة، وهنا نعود لنغم جديد ومخاطبتكم عبر ضحاكم وآدمية نفوسكم بلغة التجديد فتقول لكم:
خير الكلام ما يخرج من القلب ليصل إلى القلوب، ويكون مفعماً بالصدق والصراحة متضمّناً المعنى المراد والمقصود من غير لف أو دوران، أو تمويه، وتلبيس أقنعة. فالحقيقة أجمل لها وأحرى أن تظهر وتشهر بجلاء ووضوح، ونقاء يبهر ويسطع ويشع ويلمع في قلوب المؤمنين الصادقين، وعلى وجوههم وألسنتهم وشفاههم المطهّرة بطيب سمو الكلام الصادق المعبر عن الإرادة والعزم والتصميم، والقناعة بالمواقف والخيارات السليمة الصحيحة، حيث يزدهر الطريق بالنجاح الأكيد على ضوء مصابيح العقول الرجيحة، والأبصار الصحيحة ولا يلزم العارف الصادق المؤمن الواثق بصحة الموقف، وسلامة النية وصدق العزيمة والإيمان، والثقة بالحق وحمايته وعزته، وحصانته إلا الصبر والثبات في العمل لتحقيق الأمل، دون تردد أو خوف أو وهم من الفشل، فالثقة بالنفس عامل تأثير مهمّ يقوي القلب وينير الدرب، وهي ناتجة من الثقة بالحق عندما تأنس وتضاء النفوس البشرية بالإشراقات الذاتية، والمعارف العقلية. فكلما زادت المعرفة تدفقاً زادت النفوس تألقاً.
إذا تعودت النفوس على عصيان العقل ومعاندته وإرغامه على فعل ما ترغب وتريد، يصبح العقل آلة طيعة لها، وخادماً خاضعاً لإرادته، لا خيار له سوى ما عودته عليه سيدته المتحكمة بمملكتها الصغيرة التي هي الجسم، تأمره وتنهاه، وليس عليه إلا الطاعة والتحول بالعادة من آمر الى مأمور.
إن هذه الشجرة الكونية الواحدة، بالرغم من تنوع أغصانها، واختلاف أوراقها وأثمارها لا تثمر غير ثمرتين: ثمرة جنة المعرفة والإقرار وثمرة جهنم الجحود والإنكار، فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها.
العين الصحيحة هي سراج الجسد الذي يرى به عالمه الحسي الأدنى. والقلب السليم هو سراج الروح الذي يدرك به عالمها العلوي الأسمى، وإن العقل يتلقى صور من أنوار السراجين ويعمل على فرزها وتحليلها والتفكر بدقائقها ورقائقها وحقائقها لكي يصدر حكمة.
إن أولئك الذين ينبت الإفك في قلوبهم، وقد سقوه بماء الضلال، قد اظلمت مرايا نفوسهم وتاهوا عن الحق والحقيقة ألهتهم رياسة الحياة الدنيا واتخذوا آلهتهم أهواءهم وتقلبوا في الآفاق وهم ميتون.
الرسالات السماوية كلها مطالع قدسية وشموس إلهية أشرقت بأنوارها على الشجرة الكونية ودعت العائلة البشرية إلى جنة القرب والإيمان وأضاءت سبل الدخول الى المدينة الأحدية وكأنها كلها نطقت بكلمة واحدة من فم واحد لغرض واحد في كون واحد.
إن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم. والمؤمنون هم الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. إنهم أولئك السابقون ثلة من الأولين وقليل من الآخرين الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وفي عمق المفهوم التوحيدي للأديان السماوية: إنها كلها مظاهر البدء والختام، والأول والآخر، والظاهر والباطن، للأمر الواحد والكلمة الواحدة في سلسلة الدعوات والرسالات التي أنزلت على ألسن الرسل والأنبياء في مختلف الأزمنة والعصور.
من أسمى ثمار شجرة المعرفة المحبة، وأية محبة تعلو محبة الحقيقة وتسمو عليها؟ فإذا عرفتها تعبدتها وتملكتها وخشع قلبك في محرابها فإذا أنت في خلق جديد قد أشرقت في ذاتك أنوار تلك الشموس الأحدية، وأوقدت فيها مصابيح العلم واليقين.
أنت مجلى الحق ومرآة الحقيقة التي – إن استطعت تنقيتها وتطهيرها بصفاء القلب ونقاء السريرة وكمال المعرفة – وقفت على حق حقيقتك: إنك المثل الذي جعلك الممثول له وخلقك على صورته وألبسك كل وجه وهداك كل سبيل.
وما جمال العوالم غير مرايا جمال المبدع الذي أبدع الخلق في سرابيل للمثال الواحد الصمد تدور في دائرة الوجود وتظهر في عوالم البصر والشهود. ذوات تدار في ذات وحجارة في تاج هيكل الإبداع. فيها استتار لمن صاغها.
وأما أولئك الجاحدون المتكبرون الذين عصفت في قلوبهم القاسية رياح الشهوات فدمرتها وأطفأت مصابيحها فهي تحترق في نار حطب رغباتها الحسية وغفلتها في أسباب خلقها وعن حقيقة حقيقتها، وعن دهر كينونتها وساعة دينونتها.
لقد حق القول على الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه، ويقطعون ما أمر الله بوصله، ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون.
لقد طغت مظاهر الأشياء على حقائقها، وخدعت الإنسان وضللته وشغلته فأعرض عن الجواهر ولا مناص له من العودة إلى الحق بعد التمادي في سبل الباطل وبعد أن جهل خالقه وأسباب خلقه وجن بدنياه.
كل علم لا يستنير بقبس من نور الخالق سبحانه وتعالى ولا يهتدي بهدية يبقى علماً مادياً ضالاً مظلماً تائهاً في صحاري البعد. ولا يدرك السبل إلى واحات القرب.
القلوب هي المرايا التي وضعها الخالق في المخلوق على صورته وجعلها مساقط لأنواره ومحافظ لكنوز أسراره. فإذا كانت رياض تلك القلوب صافية نيرة تلفت تلك الأنوار وامتلأت بالأسرار وفاضت بالمحبة والخير والصدق فسمت بأصحابها الى السعادة القصوى وجنة المأوى.
إن شجرة المعرفة هي المحبة وأية محبة تعلو على الحقيقة أو تسمو عليها؟ فإذا عرفتها تعبدتها وتملكتك، وخسع قلبك في محرابها، فإذا أنت في خلق جديد وقد أشرقت في ذاتك أنوار تلك الشموس الأحدية، وأوقدت فيها مصابيح العلم واليقين.
سبحان من جعل لكم مخلوق طريقاً إليه، وفي كل روح نوراً منه، هو الحق تبارك وتعالى خلق الإنسان على صورته، وهداه بعقله الى معرفته وجعل تلك المعرفة تنبع من ذاته لذاته لا حفظاً ولا علماً.
أهل الذوق والفهم واليقين هم أهل الإستقامة والصدق من جميع الخلق في كل أمة ومذهب ودين من العائلة الإنسانية تحت الشجرة الكونية جلساء الحق على مائدة النفوس المطمئننة الراضية المرضيّة التي استضاءت بنور ذات قدسيتها العليا وسعدت بجمال كمال إنسانيتها وأسعدها الحظ ببلوغ تلك المقامات في خلوات الإنجذاب، والتجليات تنعم بالإشراقات الذاتية، وتستظل برايات السعادة الأبدية وتفوز بمملكة المعالم الإلهية في مواقع أسرار الآلاء الربانية.
فجر النور الذي ينتظره أبناؤه بفارغ الصبر سيظهر، وطفل النور سيولد بعد المخاض العسير، ويصبح أبناء النور، أهل الذوق السعداء، في نطاق أوسع من الضياء والراحة النفسية والاسترخاء بعيداً عن المتذمرين من أبناء الظلمة، أهل الشقاء والبلاء.
عمّ يتساءلون عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون [النبأ/ 1
فعندما يمتلئ القلب بقوة الإيمان، يتدفق نور الحق بصدق وثقة على الوجه واللسان، ويتميز المؤمن الديان الصادق الموفق بالحب المتدفق، ونور المعرفة الذي يتمناه ويطلبه كل شخص قوي صامد، ولسان ناطق بالحق، وضمير أبيض نقي، ووجه مشرق بالسعادة والثقة بالعزة الإلهية، والقدرة الكونية الظاهرة الخفية التي دبرت وقدرت وهدت، تعز من تشاء وتذل من تشاء، وتخرج الحي من الميت والميت من الحي إنه حقاً زمن إحقاق الحق وتمييز الخلق.
ولا تدور دائرة الزمان إلا لحسم الصراع المزمن منذ بدء الكون ودورة الأدوار، وانقضاء الدهور والأعصار وعودة مرتكز الدائرة لتثبيتها بنقطة البيكار في ملتقى الكاف والنون يوم يسعون الصحية بالحق ذلك يوم الخروج [ق/42]، وقل: رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطاناً ونصيراً [الإسراء /80].

سبحان من لو كشف عن قلوب خلقه الغطاء لرأوا في كل مخلوق فماً يسبح ذاته، وعيناً تنظر منه إليه. وسبحان من جعل لكم مخلوق طريقاً إليه، وفي كل روح نوراً منه، هو الحق تبارك وتعالى خلق الإنسان على صورته، وأحياه بالروح، جذوة من نسل نوره، يهتدي بها الى معرفته بذاته من ذاته.

سماحة الشيخ بهجت غيث

فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها

لا شك في هذا الكلام ولا غبار عليه

قدمت مقاله بجد رائعه يتمتع الانسان في قرائتها
في تصيب في المضمون

الف شكر اخي

كلمات في غايه الدقه
يسلمو ايديك عالنقل

ما اروع هذا القول ان شجرة المعرفة هى المحبة واية محبة
تعلو على الحقبقة او تسمو عليها ابدعت فى هذا القول ولك جزيل الشكر سلمت يداك تقبل مرورى المتواضع

موضوع عميق وغني بتقوى الله
يرتاح له القارئ
يعطيك العافي

ابدعت بما نقلت يعطيك العافيه