حضارة لا تنسى ( الفينيقيون )

من هم الفينيقييون ومن أين جاؤوا؟

من هم أجدادي وأجدادك الفينيقيين؟

هم شعب وبحارة أشداء جاؤوا من الخليج العربي في بداية القرن الثاني عشر قبل الميلاد أي في العصر الحديدي . وعندما شاهدوا جزيرة أرواد الحالية فرحوا جدا بها وبدؤوا يهتفون "آراد", وهو الاسم الأول الذي سميت به الجزيرة, والتي ذكرتهم بموطنهم الأصلي .فسكنوا هذه المنطقة وقاموا بتأسيس منطقة أخرى صغيرة سميت " أمور " . اسم عمريت ينسب الى هذا الاسم . انتشر هذا الشعب البحار على طول الساحل واختلطوا مع السكان المحليين "الحنونيين". وسمي الساحل منذ ذلك الوقت بالساحل الفينيقي نسبة اليهم.

هل تعلم ما معنى كلمة " فينيق " أو phénix "" ؛ معناها النخلة والارجوان؛ أما في اللغة العربية فهي تعني : المرفهين المتنعمين من أصل كلمة " فنق ". وكان أحد أولاد ملك صور " آجينور" يدعى " فينق ".

بالاضافة الى ذلك , كانوا بحارة يتقنون صناعة السفن الشراعية القوية والكبيرة الحجم بالنسبة الى ذلك العصر فتعلم السكان منهم هذه المهنة واتقنوها بالاضافة الى فنون الملاحة.عندئذ , بدأت شهرتهم تنتقل بين المدن المجاورة. ومن فنون الملاحة الى التجارة التي برعوا بها . ومن أهم ما تاجروا به : خشب الآرز والصباغ الأحمر الارجواني والمنسوجات والزجاج والقمح والزيتون والعنب والصناعات المعدنية والتوابل والعطور وأدوات ومعاجين الزينة.وصلت تجارتهم الى ذروتها مع اكتشافاتهم لبلدان نذكر منها بلدان حوض البحر المتوسط وانكلترا والبرازيل وقاموا بالدوران حول القارة الافريقية . فأنشؤا بذلك /25/ حاضرة, على أقل تقدير. لمزيد من التفاصيل عليك أن تتبع ما سأشرحه مستقبلا. من أهم ما يذكره التاريخ عنهم أنهم أول من اخترع الأبجدية في القرن الرابع عشر ق.م في " أوغاريت " وكان عدد الأحرف 36 حرف؛ وتم اختصارها الى 22 حرف في القرن الثالث عشر في
" بيبلوس ". ثم نقلت الأبجدية مع التجارة الى العالم القديم. فحسب أقوال أبو التاريخ
" هيرودوت " الذي عاش في القرن الخامس ق.م. أن اليونان نقلوا كتابتهم المتطورة عن الآوغاريتية أي أنهم اقتبسوا الترتيب الأبجدي وأضافوا اليها الأحرف الصوتية , التي لم تكن موجودة بالأوغاريتية لعدم الحاجة اليها.ومنها انتقلت الآبجدية الى الرومان ثم الى بقية الدول المجاورة. اذا, يمكننا القول أن الثقافة الفينيقية تجاوزت حدودها الاقليمية ووصلت حتى الى الاسكندرية ( مصر الفرعونية ).

بدأ اسم أرواد يلمع في سماء المنطقة بسرعة كبيرة وبدأت شهرتها تجوب أصقاع البحر المتوسط عن طريق التجارة التي بدأت تحتل حيزا كبيرا في منطقتنا. كما أنشؤوا مرفأ في أرواد وعلى طول الساحل الشرقي للبحر المتوسط أي من خليج اسكندرون شمالا حتى صحراء سيناء جنوبا أي بطول / 440/ ميل. وكان عدد المرافىء والمراسي والملاجىء القديمة يبلغ حوالي/ 47/ . فازدهرت المنطقة حتى بداية العصر الروماني.كانت أرواد تحتل تجارة القسم الشمالي من البحر المتوسط وصيدا التجارة مع البلدان التي تقع جنوب المتوسط.

وسميت المدن التابعة للأرواد بنات " أرادوس"وهو الاسم التي دعيت به في العصور اللاحقة وهم : "كابالا" جبلة و" بالتوس وبليتا" عرب الملك "وبالانيه" بانياس " "وماراكاس" مرقية وكارنه" المحارة "وانيدرا" الغمقة "وماراتوس" عمريت حاليا.
.يصح القول أن الفينيقيين لم يكن لديهم تواجد سياسي , بما للكلمة من معنى , وانما تقاسموا لغة واحدة هي أقرب الى العربية واشتركوا بثقافة واحدة ومعتقد ديني وثني

انتشارها:

كانت الحضارة الفينيقية عبارة عن مدن منتشرة على الشريط الساحلى الشرقي للبحر المتوسط لها نفس التكوين و العادات و التقاليد و كانت مرتبطة ببعضها فكريا و عرقيا و لم تكن عبارة عن حضارة موحدة كسائر الحضارات القديمة ورغم ذلك كان لهم نفس نصيب باقي الحضارات المجاورة من التقدم و ربما أكثر أزدهاراَ. تمتد الرقعة الجغرافية للحضارة الفينيقية من رأس شمرا شمالاَ إلى جبل الكرمل جنوباَ في خط يبلغ طولة ثلاثمائة كيلومتر تقريبا, إالى أن عرض هذه الرقعة لم يمتد إالى أكثر من ثلاثين إالى خمسين متراَ ما يعنى أن الحضارة الفينيقية كانت مرتكزة على الساحل مما يجعلها حضارة بحرية بحتة. يذكر أن قبل ظهور الحضارة الفينيقية كان الشاطئ الفينيقى مسكوناَ بزمن طويل و تشير الدراسات الأثرية إالى وجود إنساني في هذه الرقعة يعود إالى خمسين ألف سنة, ويستدل من اكتشافات برج قنارت و مغارة أنطلياس أن الأنسان الأول في هذه المنطقة كان من أوائل الأجناس البشرية المكتشفة في المراحل السابقة من التاريخ.

الدين و الفن الفينيقي:

كان للفينيقيين دين واحد استمر طيلة وجودهم لم تطرأ عليه أي تغيرات بارزة إلا خلال النصف الثاني من القرن الأول بعد الميلاد, أي تحديداَ في نهاية الحضارة الفينيقية. وهذه الديانة تتلخص بتمجيد العناصر و الظواهر الطبيعية متجسدة في آلهة متعددة منظمة داخل مجلس الآلهة لكل منها رتبته ووظائفه وفق نظامميثولوجي معقد. ولا تربط ديانة الفينيقيين بالديانات الآسيوية القديمة و المرتكزة حول قوى الطبيعة و الخصوبة. وكان أكبر الآلهة رتبة هو ايل وهي أنثى تلقب أيضا بأشيرة البحر, أما بعل الآلهة الثاني بعد ايل. حيث وجد بعض التماثيل المجسدة لكلاهم في الفن الفينيقي المزدهر. فكان الفن الفينيقي يتميز بالأنتقائية كونه متأثراَ بالحضارات المجاورة. ولم يتخذ له أسلوباَ مستقلاَ إلى في الألف الأول قبل الميلاد حيث بدأ يتكون له طابعه الخاص و المميز و خصوصا تأثره بلون الأحمر بالذات و تدرجاته. حيث كان معظم الفنيقيين من الحرفيين و المحبين للفن و يذكر أنه كان من المعروف كون الفينيقي مسالم غير محب للحرب إلا للدفاع عن النفس وكان يستخدم فنونه و تجارته لشراء السلام مع الدول المجاورة.

اللغة:

يجتمع معظم علماء اللغات و الآثار على أن أختراع الأبجدية الأم, التي ولدت منها أغلب أبجديات العالم تم على أيدي الفينيقيين من غير أن ينسبوا الأختراع إالى شخص محدد. ولكن المؤرخ هيرودوتس اليوناني نسب الأختراع إالى قدموس الفينيقي, الصوري الأصل. ولما انتقل قدموس إلى طيبة نشرها بين شعوب أوروبا. وهناك آثار في مدينة طيبة عبارة عن نقش لصورة قدموس يعلم ابناءه الحروف الأبجدية. ومن أقدم الكتابات التي كتبت بالأبجدية الفينيقية رقيم رأس شمرا الذي يرجع إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد و منقوشات قبر أحيرام ملك جبيل. يذكر أنه وجد آثار لنصوص فينيقية في كل من مصر و قبرص, وكانت تكتب اللغة الفيتيقية من اليمين إالى اليسار كما في اللغة العربية.