اللبؤة التقية فاطمة حسام الدين

بسم الله الرحمن الرحيم

اللبؤة التقية فاطمة حسام الدين

(ليست في ساحة القتال انما في ساحة الافراح- فاطمة حسام الدين وجرن العروس))

سنة 1874 خطب سليم أبو غانم من كفر نبرخ امرأة من آل كوكب في كفر متى. ولما حان موعد الزفاف جاء وفد من كفر نبرخ الى كفر متى لإجراء عقد القران وأخذ العروس. وكان في الوفد حوالي عشرة من الرجال المتقدمين في السن وعدد مماثل من النساء, وقد تخلف الشبان وبقوا مع العريس يحتفلون ويفرحون.
كان المقدم على الوفد الشيخ مصطفى الدويك. وكان جواداً أبياً شجاعاً, وفوق هذا كان شيخاً تقياً ورعاً.
ناموا في كفر متى وبعد تناول طعام الفطور في الصباح استعدوا للرحيل, وكانو قد قدموا اليها على الخيل والبغل والحمير. وخرجت العروس بعد وداع عسير وأعدت الفرس التي ستحملها الى بلاد شريك حياتها.

في تلك الزحمة تقدم شاب ما آل غريب ورمى جرناً في الارض ثم صاح قائلاً ((يا مشايخ, كل أيامكم فرح عقبال المعاوزين عندكم)) ثم مد يده الى الجرن ورفعه فوق رأسه وأعاده الى الأرض. ثم طلب من أهل العريس أن يتقدم أحدهم ويرفع الجرن كما جرت العادة في الأعراس.


بغت رجال كفر نبرخ, منهم لم يصطحبوا معهم بعض الشباب فتكلم مصطفى الدويك وقال للشاب: ((يا بني, ترى اننا جميعا من الشيوخ لذلك نرجو أن تعفينا من رفع ((القيمة)) هذه المرة)) لكن الشاب أصر على ذلك وقال له ((كيف ترضى البلد التي اطلعت ملحم بك العماد ووهبة أبو غانم ومصطفى الدويك أن تأخذ عروساً دون أن ترفع قيمتها))؟.
غضب الشيخ مصطفى الدويك من تحدي الشاب وكاد رغم زيه أن يتقدم بنفسه ويرفع الجرن- وقد كان مشهوراً بقوته لكنه تذكر أمراً فصاح على احد رفاقه وقال له ((يا أسعد اذهب وناد فاطمة)). وأسعد هو اسعد اسماعيل نصر, وبهت الناس من بادرة الشيخ مصطفى ولم يتبينوا شأن فاطمة في قضية لا تعني الا الرجال.
وعاد أسعد ومعه امرأة ممتلئة الجسم طويلة القامة, متينة التركيب, وقد تلثمت بمنديل أبيض فلا يظهر من وجهها الى عيناها, فصبحت الرجال بنوع من الخفر والخجل. فقال لها الشيخ: ((يا فاطمة تقدمي و(قيمي) هذا الجرن)).
فارتبكت فاطمة وقالت له ((يا سيدي كيف دقيم الجرن وان امرأة عاجزة))؟. فألح عليها الشيخ مصطفى فقالت له ((يا سيدي- أخاف أن يبعدني الأجاويد عن ديني)). فقال لها(( ويحك يا فاطمة انا من الدين, وأنا من الأجاويد, فمن يبعدك عن دينك تقدمي)).
عندئذ تقدمت فاطمة فشدت لثامها على رأسها شداً محكماً ثم أمسكت الجرن وصاحت ((يا معونة الله) ورفعت الجرن دون مشقة او عنا ورمته على الارض وذهبت مسرعة الى ما بين النساء.
إلتفت الشيخ مصطفى الى الشاب الذي وقف مدهوشاً أمام إنجاز تلك الفتاة النخوية, وقال له ((إن قيمات كهذه نتركها للنساء)).


بطلتنا فاطمة حسام الدين زوجة حسن حمود عابد من كفر نبرخ قد اشتهرت بأمرين : أولاً بشدة تدينها وصحة تقواها, ثم بقوة بنيتها ومتانة عضلاتها.